ذكرى "استقلال الدولة اللبنانية" في الحركة الثقافية - انطلياس
الاستقلال يتهدده تحويل لبنان إلى ساحة صراعات متناقضة
أقيمت ندوة موسَّعة في الحركة الثقافية - انطلياس للحوار حول موضوع "الاستقلال وتحديات المرحلة الراهنة"، ضمت عدداً من المثقفين من اتجاهات سياسية مختلفة، تمت فيها مقاربة "استقلال الدولة اللبنانية" من مختلف الزوايا وفي سياق التحديات الداخلية والخارجية. أدار اللقاء الدكتور عصام خليفة، الأمين العام للحركة، الذي ذكَّر انَّ الحركة دأبت منذ نحو ربع قرن على عقد لقاء موسَّع بمناسبة عيد الاستقلال حول هذه الذكرى الوطنية ذات الأهمية المركزية في إطارها التاريخي، وبخاصة في واقعها الراهن وذلك بمقاربات مختلفة من حيث اختصاصات المشاركين واهتماماتهم وانتماءاتهم السياسية والمذهبية والفكرية والمهنية ومن كل الأعمار.
واعتبر خليفة ان المرحلة الراهنة تتَّسم بخطورة ليس فقط على استقلال الدولة بل على كيانها في غمرة التناقضات والمواجهات بين قوى الداخل والخارج المتداخلة التي جعلت من لبنان ساحةً متوترة لخلافاتها.
وكانت أولاً مداخلة طويلة نسبياً ومحضَّرة من الدكتور ناصيف نصار الذي قال:
يمكن ان نتناول الاستقلال من زوايا متعددة. اود أولاً ان اشدد على الزاوية الفلسفية. التفكير في موضوع الاستقلال يجب ان يمر عبر نظرة تاريخية ولكني لن أغوص فيها. في كلامنا عن به استقلال الدولة اللبنانية نجد نفسنا امام 4 محطات أساسية يجب معرفتها:
1- لبنان أنشئ عام 1920 كدولة مستقلة. مذذاك حتى 1943، كان دولة مستقلة تحت الانتداب الفرنسي. وينبغي ان نعرف ان الاستقلال يعني ان تقوم الدولة بنفسها، وان لا تكون جزءاً من غيرها، او تابعة لغيرها.
عام 1943 دخل لبنان في مرحلة الميثاق الوطني. ودخلت الدولة مرحلة جديدة. كان استقلالاً مضطرباً بسبب العوامل الداخلية والخارجية الضاغطة.
من 1975 الى 1990 أصبح الاستقلال موضع شك كبير. وهذه المرحلة هي مرحلة الاستقلال الممزق.
من 1975 حتى 2005 دخلنا تحت الوصاية السورية هذه انتهت عام 2005.
منذ 2005 حتى الآن دخلنا في مرحلة جديدة لا تزال تبحث عن وصفها الحقيقي: استقلال يبحث عن نفسه، تحت الهيمنة الأميركية او تحت هيمنات أخرى...؟
هل المسألة مسألة تقلبات ام ثمة أسباب عميقة.
نحن أمام عوائق جدية بنيوية تحول دون انتقال الدولة من الاستقلال الشكلي الى الاستقلال الفعلي لأسباب أربعة:
1- ارتباط لبنان بالصراع الاقليمي رغم محاولة تحييده عن هذا الصراع الاقليمي. لكن تبين من خلال التجربة ان لبنان لا يستطيع ان يعزل نفسه عن تأثير النظامين الاقليمي والدولي، وهو غير قادر ان يحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أرضه. وما لم تحل هذه المسألة، سيبقى لبنان جزءاً من الصراع الاقليمي هذا عائق ظرفي ولكن عميق.
2 - العائق الثاني: هو وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) لو درسناها جيداً للاحظنا فيها أمرين:
الأول انها قررت ان لبنان عربي الهوية والانتماء.
والثاني انها حددت نوع العلاقة بين الدولتين اللبنانية والسورية، في الفصل الرابع، على انها علاقة مميزة . وبالتالي لا يمكننا الفصل بينهما. ولذلك استنتاجات كثيرة.
3- العائق الثالث: عقلية الوساطة عند اللبنانيين على مختلف المستويات بدءاً من التجارة وصولاً الى اللاهوت. والوسيط ليس طرفاً فاعلاً.
4- العائق الرابع: طبيعة الدولة اللبنانية كسلطة وعلاقتها بالطوائف. ثمة عدم قدرة للدولة ان تكون مستقلة لانها لا تستطيع فرض رأيها على كل الطوائف. والامتدادات الخارجية للطوائف تؤثر على سلطة الدولة. وما دامت الدولة لا تستطيع ان تكون حرة. فاستقلالها ناقص
ما النتيجة؟
لا وصفة سحرية عندي. لذا ادعو الى استقلال الدولة من باب الثقافة. ثمة عمل كبير. يجب ان نطور ثقافة الاستقلال التي هي ضعيفة جداً في الوقت الراهن.
د. مالك بصبوص قال:
الاستقلال لا يكون بدون امن غذائي. ثمة مشكلة وطنية هي الهجرة من الريف الى المدينة. المطلوب تصنيع إنتاجنا. وعندنا 9 مليارات متر مكعب من المياه الطبيعية 40 % يتبخر ويبقى 60% اما في جوف الارض واما فوق الارض. ثمة مليار م2 يصب في الشاطئ. لماذا لا نرسل مياه الى السعودية مقابل بترولها. ودعا الى ربط لبنان بالاتحاد الأوروبي.
الجنرال نزار عبد القادر قال :
شدد على اهمية المؤسسة العسكرية (الجيش) في تحقيق السيادة والاستقلال ضمن دولة قادرة على فرض هذا الاستقلال.
ولاحظ ان بعد ايار 2000 كان على الدولة، بعد انسحاب، اسرائيل ان تملأ الفراغ في الجنوب ولكنها لم تفعل. في زمن الوصاية السورية ظل الجيش غير قادر. الآن بعد خروج السوريين المطلوب تقوية الجيش عن طريق المزاوجة مع الاقتصاد والقروض الطويلة الأمد.
د. صادر يونس قال:
ان الاستقلال حقق كيان الدولة التي يدعمها كل اللبنانيين. اما اليوم فثمة مخاطر على الاستقلال من مشاريع الكانتونات. سيطرت الطوائف تفكك الدولة. مسؤولية النخب ان تقوم بانتفاضة اخلاقية من اجل التغيير وإلاَّ فنحن الى انهيار. وآمل ان لا تتحقق وجهة النظر هذه.
نقيب المحامين بطرس ضومط قال:
ان على افتراض تحقق الاستقلال فهل يكتمل هذا الاستقلال ما لم يكن هناك سلطة قضائية مستقلة؟ اذا اردنا بلداً مستقلاً فهذا مرتبط بقضاء مستقل والدعوة لذلك هو لكل القوى في المجتمع المدني.
د. دعد ابو ملهب عطالله :
قدمت بعض الملاحظات:
1- الاهم في الدولة السيادة التي كانت ممنوعة عن لبنان وعلى اللبنانيين مؤخراً، ولاحظت ان الرئيس القذافي صرح بالأمس "ان على لبنان ان يرجع دولة مستقلة". كما لاحظت ان عبارة الشقيق التي كانت تعني الوصاية رجعت بعد خروج سوريا من لبنان باسم الشقيق الأكبر الإيراني، ونحن اللبنانيين لم نتخطَّى بعد عقدة الشقيق الأصغر الذي ينفذ مطالب الشقيق الأكبر. ولبنان تحول الى ساحة للصراع بين اميركا وايران بوسطاء داخليين. وهذا تهديد واضح للاستقلال اللبناني.
العميد فوزي ابو فرحات:
لاحظ ان الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية مجهولة تماماً من السياسيين اللبنانيين. الوفاق الوطني أساسي لوجود الجيش القادر على حماية الاستقلال بإستراتيجية دفاعية واضحة تضعها الدولة .
منح الصلح:
ذكّر بأن لبنان عاش فترة طويلة مطعوناً بشرعية وجوده حقق الكثير بعد ذلك عندما زاوج بين العروبة واللبنانية وهذا رقي عن الحالة الطائفية وعن التسلط. العالم العربية بغالبيته له نظرة راقية الى لبنان لنه نموذج عربي ناجح. لبنان ليس قاعدة لقوى اجنبية. لبنان طليعة عربية لا يوجد خلل ايديولوجي في بنيانه لأن ما يجمع اللبنانيين اكبر مما يفرقهم ميثاق 1943 وحّد الاسلام الوطني الواحد والمسيحية الوطنية الواحدة. هذه الصيغة اليوم في حالة ارباك.
د. علي شعيب:
لاحظ ان نسبة الاختلاط بين الطواف كانت عند الاستقلال 30%. اما اليوم فهي 5% فقط. النخب اللبنانية عام 1943 وما قبل كانت مختلطة وكان فيها احزاب علمانية وشخصيات مرموقة مثل آل الصلح وميشال شيحا ويوسف يزبك. ولكن صيغة 1943 التعايشية لم تتحول للأسف الى مشروع وطن فازدادت النزعات المذهبية والحروب والانقسامات. وشكر الحركة الثقافية - انطلياس التي أمنت هذا اللقاء الوطني الموسع حول استقلالنا.
الشيخ رشيد القاضي:
رأى ان ليس الاستقلال اللبناني هو المهدد بل التجربة اللبنانية التي أمنت الحرية والديمقراطية والتنوع والانفتاح هي المهددة من ثقافة المنطقة المحيطة بلبنان لأنها تفتقر الى كل القيم اللبنانية. لاحظ ان هناك ثنائية مفروضة على اللبنانيين تضع فريقاً ضد فريق. كما لاحظ ان لا جيش استقلالي بغياب الدولة المستقلة الموحدة.
د. بطرس لبكي:
اعطى لائحة تدل على ان لا استقلال اقتصادياً بدون استقلال سياسي. لذلك نحن الآن في مرحلة استقلال شكلي لأن مؤسساتنا الاقتصادية المختلفة وضعت اليد الأجنبية عليها وفي فترة الوصاية الاخوية تمت سرقة الدولة مع شركاء لبنانيين، كما تمت السيطرة على المصارف الصغيرة والمصانع اللبنانية. وختم ان في 15 سنة الأخيرة فقدنا سيطرتنا على اقتصادنا. وهذا واقع تعيس لاستقلالنا الوطني
د. جورج سعادة
قرأ ورقة مكتوبة فيها ان الخطر الحقيق على الاستقلال يأتي من المداخلات الخارجية. وقال ان مواجهة الخطر الاسرائيلي وحدنا هو انتحار لنا وعار على العرب. واقترح لتقوية الاستقلال الاتفاق على قانون عادل، وهذا اهم من الدستور، وعلى اصلاح النظام التربوي ليشمل التربية على التراث وعلى العولمة.
موريس ابو ناضر:
قدم ملخصاً في مؤسسة الضمان الاجتماعي في لبنان ولاحظ ان الثقافة الاجتماعية والثقافة الاقتصادية معدومتاً عند اللبنانيين وعند العرب أيضاً فلا يفكرون بضمان الشيخوخة الهام وينجرفون في السياسة العامة وقال انه لا بد من اعادة النظر بثقافتنا من اجل تعزيز اليومي والمعيوش. وهذا هو الاستقلال الفعلي على الصعيد الشعبي.
د. فكتور الكك:
طرح فكرة معرفة ايران ودورها الاقليمي القوي وامكانية الافادة منه من اللبنانيين جميعاً. ولاحظ ان اللبنانيين الشيعة هم الذين أسسوا المذهب الجعفري في ايران. فالعلاقات الايرانية اللبنانية متينة اذا اردناها هكذا وهي ستكون في مصلحة لبنان اذا احسنا معرفة السياسة الايرانية والدور الذي تطمح له في المنطقة
المحامي طانيوس عيد:
ركز على عاميتي 1821 و 1840 في انطلياس ورمزية التحرر من المحتل. واعتبر ان لبنان استقل منذ 1920 بقرار من عصبة الامم وهو لم يذكر الطائفية في دستوره إلا في ميثاق الطائف. ولاحظ ان التعاون الاسلامي والمسيحي كان هو السائد في كل المراحل التاريخية.
د. جان شرف
لاحظ ان عام 1943 وضع ركائز استقلال لبنان، بعد ذلك ابتعدنا عن هذه الركائز التي اعلنها بينا وزارة رياض الصلح. فانتقلنا من الثنائية الطائفية عام 1943 الى التعددية الطائفية. وتساءل: هل الطائفية سبب ام نتيجة لتعثرنا؟ وقال هي نتيجة لمفاهيم مغلوطة عند الطوائف ولارتباطها بالخارج. ودعا الى ثقافة العيش المشترك وليس التعايش لأن العيش يتضمن الاقتصادي - والاجتماعي الذي يمكن تحييده عن المحاور الداخلية والخارجية.
د. جوزف ابو نهرا:
لاحظ ان رجال الاستقلال الأوائل كانوا رجال ميثاق وشرف ولم يذكروا الانتماءات الطائفية في ممارسة السلطة. اما اليوم فالطائفية أقوى لأن الدولة انسحبت امام الطوائف بخاصة في المؤسسات الطائفية وأهمها المدارس الطائفية التي تبني التلميذ على الانتماء الطائفي لا الوطني. وقرأ نصاً للشيخ عبدالله العلايلي يقول فيه: ان لبنان ينشئ الابداع ولكنه لا يرعاه. ما عرفت بلداً كلبنان يصدر العبقرية ولا يحتفظ بها.
المحامي جميل جبران تكلم في آخر اللقاء:
على السياسة الممارسة حالياً. فاعتبر ان ليس رئيس الجمهورية المخول دستورياً في القول اذا كانت الحكومة شرعية. واعتبر ان ترك الوزارة من قبل بعض الوزراء لا يفقدها شرعيتها. ولا يمكن بناء دولة وسلاح كبير على ارضها هو خارج سيطرتها. وتساءل أليس اخذ الدولة الى حرب هو استئثاراً بالسلطة؟ واعتبر ان البلاد الصغيرة كلبنان تحتاج للأمم المتحدة. والعداء لهذه المؤسسة الدولية ولقراراتها هو خطأ جسيم. فممارسة سياسة كنتونية في منطقة من لبنان أحيا مشاريع كانتونات أخرى عند الباقين. وهذه السلبيات هي أكثر التهديدات خطورة لاستقلال لبنان.