انطلياس في 2014/9/18
رقم الصادر 6/37
بيان صادر
بمناسبة غياب العلامة السيّد هاني فحص
مع غياب المفكر والصديق العلامة السيد هاني فحص يخسر الوطن واحدا من اكبر علمائه ومثقفيه. لقد مثّل سماحته جملة من القيم من أبرزها انه:
1- كان وسيطاً بين ثقافتين: الدينية وثقافة المجتمع المدني. لقد كان مؤمنا بدينامية الفكر الديني وقدرته على تطوير نفسه والتكيف مع تحديات الحداثة، وفي الآن نفسه كان مؤمنا بالفكر الإنساني وقدرته على تطوير نفسه بما يخدم قضية الحرية والانماء المستدام.
2-كان صاحب ثقافة موسوعية شاملة تغرف من عمق التراث وتنهل من مجاري الفكر الانساني المتنوع بكل ابعاده وتكتنز وقائع ومآثر تاريخ جبل عامل في الماضي وفي الحاضر.
3-تفاعلت ضمن شخصيته كل تيارات الفكر الاسلامي وبخاصة الشيعي، والقومي العربي والوطني الكياني اللبناني، اضافة الى الفكر الاشتراكي والليبرالي والانساني. هذا الخليط كان باستمرار حاضرا في ذهنه ومسلكه العام، وانه كان يعايشه في كل لحظة: في بيته مع عائلته الصغرى، ومع اصدقائه وهم كثر، وفي الحوزة العلمية مع مريديه، وفي اطار المنتديات والمؤتمرات والندوات الثقافية.
4-ظل طرفاً فاعلاً في كل قضايا الوطن الكبرى، بما تعنيه عبارة كبرى من مفاهيم وطنية شاملة: المشاركة، الحوار، التفاعل، التشبث الصارم بحرية الرأي ضد كل استبداد او احادية.
5-كان ينظر الى الدين ويمارسه من زاوية الانسان منفذاً القول الشريف: اخوانك اثنان شريك لك في الدين او نظير لك في الخلق والسيد هاني كان كل العالم نظيراً له في الخلق.
6-التزم بالقضية الفلسطينية وتألم مع شعبها، والتزم بقضايا التحرر للشعوب العربية ولشعوب العالم الثالث، وكافح لانتصار العدالة الاجتماعية في المجتمع اللبناني وأولوية الوحدة الوطنية بين اللبنانيين كمواطنين مسلمين ومسيحيين. كان طوال مسيرته عامل تقارب وتحاور بين المختلفين.
7-كان صاحب نكتة حاضرة وتواضع جم، فهو لم يوقع ولا مرة اسمه مشفوعا بلقب السيّد، ولكن حضوره المشع وبلاغة اسلوبه وعمق تفكيره حمل كل من عرفه على احترامه والاقرار "بسيادته".
ان الحركة الثقافية – انطلياس التي كان لها شرف تكريمه كعلم من اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي في المهرجان اللبناني للكتاب 2004 ، كما كان محاضراً دائماً متألقاً على منبرها، تنعي بعميق الحزن الى الشعب اللبناني واحدا من كبار قادته، وتتقدم من عائلته باعمق مشاعر التعزية، وتتعهد بان تحاول في المهرجان اللبناني للكتاب – في العام القادم – ان تفيه بعضاً من حقه على الثقافة والانسان والوطن.
ان امثال هاني فحص، خاصة في هذه الايام الكالحة السواد، يبقون خالدين في ضمير المجتمع لأنهم اخلصوا في مسيرتهم الغنية لجوهر الدين وجوهر الانسان والمصالح الحقيقية للمجتمع وللوطن.
الحركة الثقافية – انطلياس