تصريح صادر عن الدكتور عصام خليفة
حول ترسيم الحدود البحرية ومهمة هوكشتاين
انطلاقاً من ايماننا العميق بالحفاظ على المصالح العليا للشعب اللبناني والدولة اللبنانية، ودفاعاً عن حقوق الانسان في وطننا، الذي تمتهن كرامته كل يوم من خلال الغلاء الفاحش في السلع الغذائية، والمرارة التي نعاني منها في مجالات الطاقة والكهرباء والمياه والنقل والتعليم والتلوث وتدمير البيئة والامعان في نهب اموال المودعين مع الانهيار المستمر للقدرة الشرائية للعملة الوطنية ووصول الاغلبية الساحقة من ابناء شعبنا الى حدود المجاعة الخطيرة.
وبمواجهة الممارسات الدموية الخطيرة، وعرقلة التحقيق في الجريمة المروعة التي حصلت في مرفأ بيروت، والخروج عن الاعراف والمواثيق الوطنية والدستورية وسلطة القانون واستباحة الحدود براً وبحراً، الأمر الذي يهدد سيادة الدولة اللبنانية واستقلالها، وكذلك يشكل خطراً على السلام الاهلي، وتأكيداً على تشبثنا بالثروة الغازية والنفطية الموجودة ضمن حدود منطقتنا البحرية الخالصة.
لذلك نجد من واجبنا الوطني ان نكشف للرأي العام اللبناني نظرتنا لاهداف مجيء عاموس هوكشتاين الوسيط الاميركي. والرد الواجب ان يعتمده المسؤولون اللبنانيون، والشعب اللبناني وخاصة قوى حراك 17ت1، على اهداف هذا الوسيط.
اولاً: أهداف مجيء هوكشتاين:
1. اضاعة مزيد من الوقت لتتمكن اسرائيل من حسن استغلال المنطقة الواقعة بين الخط 23 والخط 29.
2. استمرار الضغط على المسؤولين اللبنانيين لعدم تعديل المرسوم 6433 كما اقترحت قيادة الجيش اللبناني.
3. اعادة التذكير بما صرح به الرئيس نبيه بري عن اطار التفاوض مع اسرائيل، وبخاصة الارتكاز على اولوية القرار 1701 بالنسبة للحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل. في هذا السياق نذكّر ان اسرائيل تقدمت اكثر من 30 متراً شمال رأس الناقورة (انطلاقاً من الخط الأزرق) ومنها تقريباً تنطلق الخطوط اللاقانونية 1 و 23 وخط هوف.
4. تصعيد الضغط لاستبدال الوفد العسكري المفاوض الذي برهن عن كفاءَة عالية وصلابة في الدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة والتمسك بالخط 29.
5. التلويح بامكانية اعتماد صيغة استثمار مشترك اسرائيلي – لبناني باشراف اميركي للمناطق المتنازع عليها. وربما الاستعانة بخبرة شركة دولية كمرجعية للحل بين لبنان واسرائيل. وفي نفس الوقت ايصال مؤسسات الدولة اللبنانية للتفكك والانهيار بحيث تتحجج تلك الشركة الدولية بعدم القدرة على اعطاء لبنان حصته من مردود حقلي قانا وكاريش؟!
6. تأجيج الانقسام بين اللبنانيين ليتم تسويغ التفاوض بالوكالة عنهم – في فيينا وفي غيرها – للمساومة على ثرواتهم ومصالحهم، ولايصال الوضع اللبناني الى الانهيار والمجتمع الى المجاعة والفوضى والاقتتال، وفرض الحلول التي رفضها اللبنانيون في مواثيقهم: توطين اللاجئين والنازحين السوريين. وهكذا تنفذ نبؤة أحد مسؤولي المخابرات لدولة غربية كبرى (دخل السوريون الى لبنان لكي لا يخرجوا منه)!؟
ثانياً: ما هو الرد الوطني الواجب اعتماده من قبل المسؤولين والشعب اللبناني؟
1- تعديل المرسوم 6433 فوراً، كما اقترحت قيادة الجيش وايداعه الامم المتحدة. خاصة وان قرار محكمة العدل الدولية (بين الصومال وكينيا) اكد صحة موقف الوفد العسكري اللبناني لجهة التمسك بالخط 29.
2- التأكيد ان اطار التفاوض يجب ان يكون:
أ- اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل 23 آذار1949). وقد اكدت، في المادة الخامسة منها، ان خط الهدنة هو نفسه خط الحدود الدولية الموقع منذ العام 1923 (أي خط بوله-نيوكومب) والمثبت في عصبة الامم في 4 شباط 1924.
ب- اتفاق ترسيم الحدود الذي حصل بين لبنان واسرائيل بين 5 و 15 كانون الاول 1949 باشراف الامم المتحدة (12 مادة). مع الخرائط المرفقة وقد وقع عليه فريد لندر عن اسرائيل واسكندر غانم عن لبنان.
ج- قانون البحار المقر من قبل الامم المتحدة عام 1982، واجتهادات المحاكم الدولية ذات الصلة.
3- التمسك بكل اعضاء الوفد وبخاصة استمرار العميد بسام ياسين بترؤسه. ورفض أي تعيين تحت شعار التطعيم من قبل دبلوماسيين او مسؤولين؟!
4- رفض كل صيغ الاستثمار المشترك. والتمسك بالحقوق الكاملة للدولة اللبنانية. وكذلك التمسك بدراسات الوفد اللبناني واعتبارها المرجع العلمي المرتكز على قانون البحار والوثائق التاريخية ذات الصلة.
5- على الحكومة اللبنانية ان تعرض، في اول جلسة لمجلس الوزراء، تقرير الوفد المفاوض الذي وضع استراتيجية متكاملة للوصول الى الحل العادل الذي يحفظ حقوق شعبنا.
6- وعلى وزير العدل ان يطلع مجلس الوزراء، فوراً، على رأي هيئة الاستشارات والتشريع الذي صدر مؤخراً. والذي يطالب بسحب المرسوم 6433 من الامم المتحدة، واستبدال الخط 23 بالخط الذي اقترحته قيادة الجيش اللبناني.
7- الحرص على اولوية الوحدة الوطنية، في هذه المرحلة البالغة الخطورة والاهمية. والابتعاد عن التهديد بالعنف واستعماله بين كل مكونات الشعب اللبناني. وتعزيز استقلالية القضاء واحترام المحقق الذي يمسك بالملف الخطير المتعلق بانفجار مرفأ بيروت. والعمل للجم تصاعد الدولار بالنسبة للعملة الوطني، وتخفيض الاسعار، والاجتهاد لحل الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية بما يتفق مع العدالة للشعب اللبناني، وهذا يعني الحفاظ على حقوق المودعين، وتحميل مهربي الاموال الى الخارج والمضاربين والمصارف المغامرة، والبنك المركزي والدولة المسؤولية المشتركة في حل الازمة التي يتخبط بها مجتمعنا.
8- الاستمرار في تحضير الدعاوى على كل مسؤول يخون الشعب اللبناني ويفرّط بحقوقه ومصالحه التاريخية.
ان من يحافظ على حقوق الشعب اللبناني في هذه المرحلة لا ينفخ في بوق الفتنة الداخلية ويتمسك بشعار الوحدة الوطنية، ويسعى لانتصار العدالة وايجاد الحلول السريعة حفاظاً على حقوق المودعين، ولجم التصاعد الجنوني للاسعار واستعادة الثقة بالعملة الوطنية، والحيلولة دون تفاقم هجرة الكفاءات والشباب. وايجاد حل لائق للنازحين السوريين لجهة عودتهم الآمنة الى بلادهم مع رفض كل اشكال التوطين وهندسة الشعوب.
ويجب ان يفهم عاموس هوكشتاين ان لبنان الذي احتضن الجامعة الاميركية منذ 1866، وكانت مطابعه وجامعاته وصحافته منطلق الافكار الحرة في المنطقة العربية، لن يسمح بان يكون فرق عملة في لعبة الامم، وان شعبه قادر ان يقاوم كل الحلول الساعية الى انهيار دولته وتجويع شعبه وتوزيع ثرواته البحرية والبرية على مغتصبي الحقوق في غفلة او جهل او تآمر من المسؤولين السياسيين عن مصير لبنان في هذه المرحلة.
د. عصام خليفة