بيان صادر عن الحركة الثقافية – انطلياس
تحية الى جورج ضومط
مع غياب الرفيق جورج ضومط، بعد معاناة مع مرض عضال، تخسر الحركة الثقافية – أنطلياس واحداً من مؤسّسيها، وتخسر حركة الوعي قيادياً رافق الحركة منذ نشأتها، وأسهم في صياغة مواقفها وأدبياتها في الجامعة اللبنانية، وكذلك في الجامعة اليسوعية حيث كان يُصدر مع زملائه نشرة "الثغرة"، الأمر الذي ساعد في إيصال أحد أصدقاء الحركة الى رئاسة اتحاد الطلاب في هذه الجامعة قبيل اندلاع حرب 1975.
تمتّع راحلنا بذكاء وقّاد، وثقافة عميقة، وشجاعة في مواجهة المصاعب قلّ نظيرها. معاً حلمنا بقيام مجتمع العدالة ، ومعاً آمنا بعلمنة الدولة والمجتمع والتربية والثقافة. معاً خطّطنا للتحرّكات في المراحل المختلفة، ومعاً كتبنا الشعارات ووزّعنا البيانات في سيارته الشهيرة قبل اختراع وسائل التواصل الحديثة. معاً صغنا المذكّرات والتقارير والملفّات. ومعاً سهرنا على إصدار النشرات وطبعها وتوزيعها. نذكر من صفاته التحليل والتنظير والمتابعة الدقيقة لتفاصيل القضايا. من هنا أطلق عليه "الرفاق" اسم سوسلوف الحركة. ومن صفاته عدم حب الظهور والعمل المجرّد الذي لا يهدف إلى الشهرة. لا يساوم ولا يحبّ تدوير الزوايا. في الاجتماعات كان يطرح الرأي الصارم في دقّته وعلميّته وتمتّعه الدائم بالروح الوطنية البعيدة عن الخلفيات الفئوية. في أسوأ أيام الحروب العبثية التي عصفت بالوطن كان جورج في حركة الوعي، وفي الهيئة الإدارية للحركة الثقافية – أنطلياس، نموذج المثقف الملتزم بقيم المواطنية الصافية، وفهم الخلفيات البعيدة لكل ما يجري، والإصرار على السلام بين كل أبناء الوطن، والتمسّك العميق بالوحدة الوطنية. وكان مصيباً دائماً في تسليط الضؤ على أولويات المرحلة وسبل الاستجابة لكل التحدّيات المطروحة.
يا رفيقنا جورج، تغيب عنّا والوطن في أسوأ أيامه على صعيد التخلّي عن ثرواته البحرية، ونهب أموال المودعين وانهيار مؤسّساته في أغلب القطاعات، بالإضافة إلى انهيار القوة الشرائية للعملة الوطنية، وتصاعد الغلاء بشكل جنوني، وتفاقم البطالة والهجرة. مجتمعنا يغرق تحت سيلٍ من اللاجئين والنازحين يهدّد بتغيير هويته، وجامعتنا اللبنانية التي سهرنا على تقدّمها، وبذلنا الغالي والرخيص من أجل إعلاء شأنها، وجودة التعليم فيها، هذه الجامعة تترنّح على شفير الانهيار المريع لأسبابٍ يعرفها القاصي والداني، ومعها يتهدّد نظامنا التربوي بالانهيار.
عندما يُكتب تاريخ هذه الحقبة ويتمّ التعمّق في تحليل حركة الأفكار فيها، لا بدّ من أن يتمّ إنصافك أنت ورفاقك كشهود ومدافعين أشدّاء عن لبنان وحقوق الإنسان فيه، وعن قيم الحرية والاستقلال في مواجهة الاستبداد والفساد.
لعائلتك ولمحبيك أعمق مشاعر التعزية. إن أمثالك، أيها الراحل العزيز، سيبقون خالدين في ضمير الرفاق، وفي ضمير الوطن.
أمين الإعلام في الحركة الثقافية – انطلياس
الدكتور عصام خليفة
أنطلياس في 2022/6/18