بيان صادر عن الحركة الثقافية – انطلياس
في الذكرى الثانية لإنفجار المرفأ 4 آب 2022
في ذكرى الرابع من آب عندما دمّر الانفجار المريع عاصمة الوطن، وأودى بمئات الشهداء، وأوقع مئات الجرحى والمقعدين، وخرّب مئات ألوف المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات، وعطّل رئة الاقتصاد اللبناني (المرفأ)، ودمّر صوامع القمح التي أنجزها عميد كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية العالِم جاك نصر رحمه الله،
في الذكرى الثانية لهذا الإنفجار الذي قدّرت خسائره بـ 16 مليار دولار، يهمّ حركتنا أن تؤكّد على النقاط الآتية:
أولاً: إن الشعب اللبناني، وبخاصة المتضرّرين من هذا الانفجار ما زالوا ينتظرون حكم القضاء لكشف المجرمين وإحقاق العدالة. إن اللبنانيين يستغربون ويستنكرون العراقيل التي يفتعلها البعض للحيلولة دون قيام القاضي طارق البيطار باستكمال مهمّته.
ثانياً: لقد أكدّ أكثر من باحث متنوّر على أن القضاء هو واجهة المجتمع ومعيار رقي الأمم، وأن قيمة الدولة تنبع من قيمة قضاتها، تساوي ما يساوون، تعلو إذا ارتفعوا وتنحطّ إذا هبطوا. وثمّة صفات جوهرية لا بدّ أن يتحلّى بها كل قاضٍ: تأتي الشجاعة في المرتبة الأولى، ثم الضمير والأخلاق، ويأتي ثالثاً العلم المقرون بالخبرة. إن من واجب القاضي ألّا يخاف من أحد، وإلّا ضاع ضميره وعلمه وكل شيء عنده، فمن واجبه ألا يسمع سوى صوت ضميره، فلا ينطق إلا بما يقتنع به. فالقاضي ليس بموظف، هو سيّد نفسه يأتمر بضميره، وليس لأحد أن يوعز إليه باعتماد مضمون معيّن لحكم أو اتجاهٍ محدّد لقرار، فمهمّته شاقّة لا يُستهان بها. وقديماً قيل عن القاضي الصالح "بُلي بالقضاء".
ثالثاً: لقد برهن القاضي طارق البيطار على أنه يتمتّع بالشجاعة والضمير والأخلاق، كما أن لديه العلم والخبرة. لم يخف من تهديدات البعض، ولم يسمح لأحد بتحييده عن السراط المستقيم. وهكذا حاز على إعجاب وتأييد الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني.
رابعاً: إن أداء بعض أهل السياسة من حماة الفساد ورعاته جعل لعبتهم مكشوفة في عرقلة التحقيق. وهكذا فالأزمة العميقة التي نعاني منها هي غياب الحاكم الصالح. فلا صلاح ولا إصلاح إلاّ بالحاكم الصالح، ولا دولة قانون بدون رجال دولة.
خامساً: الأمن الغذائي لمجتمعنا مكشوف في ظل انهيار صوامع القمح، ومئات ملايين الدولارات مجمّدة عند شركات التأمين تنتظر صدور الحكم بقضية الانفجار! فإلى متى يصبر الأهالي على أهوال الكارثة، وهل أن الوصول إلى المجاعة هو من السيناريوهات التي يخطّط لها هؤلاء الحكّام الفاسدون؟
سادساً: في سياق مواجهة الأوضاع الصعبة في مجال القضاء، فإن حركتنا التي كرّمت العشرات من القضاة اللبنانيين الكبار، كأعلام ثقافة في المهرجانات المتتالية للكتاب، تدعو جميع قضاة لبنان، على اختلاف مواقعهم، إلى تنفيذ القانون الرقم 189 الصادر بتاريخ 12 ت1 من عام 2020 والمعروف بقانون تصاريح الذمّة المالية والمصالح، ومعاقبة الإثراء غير المشروع، لمقارنة مضامين التصاريح مع وقوعات الملكية المسجلّة بأسمائهم أو بأسماء عيالهم في لبنان وفي الخارج.
إننا لا ننتظر فقط من القضاة الشرفاء البتّ في "جريمة العصر"، جريمة تفجير مرفأ بيروت فحسب، بل نتطلّع إلى قيام القضاة الشرفاء والشجعان بمحاكمة من حوّلوا المبالغ المالية الطائلة إلى الخارج، ومن يتلاعبون بسعر صرف الدولار، ومن يشاركون أو يحمون كارتلات الفساد التي تتحكّم بالطحين والكهرباء والدواء والمحروقات والسلع الحيوية المختلفة، ولاسيما من يُعتبرون مسؤولين عن الانهيار المالي وتبديد أموال المودعين.
وكذلك محاكمة الذين تنازلوا عن حقوق الدولة اللبنانية في ثرواتها الغازية والنفطية (التراجع عن الخط 29 القانوني والعلمي والمنطلق من رأس الناقورة واستبداله بالخط الاسرائيلي 23 الذي لا ينطلق من رأس الناقورة ولا أسس قانونية له ولا علمية)!!
كما نشدّد على وجوب تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية بحيث تقتصر على محاكمة العسكريين فقط، وهذه واحدة من أمهات القضايا التي تتوقّف عليها صدقية المجلس النيابي الجديد وجدّيته.
في الذكرى الثانية لتفجير المرفأ ندعو كل أبناء شعبنا إلى الثقة بالمستقبل، وتفويت الفرصة على كل العاملين لتكفير الشعب اللبناني بوطنه ودولته والاستسلام للانهيار الشامل. ونناشد كل القوى الحيّة، لاسيما الشباب، استئناف حراكهم الديمقراطي المنظّم دفاعاً عن حقوق الإنسان اللبناني وعن استقلال الدولة اللبنانية وسيادتها فوق كامل ترابنا الوطني.
4 آب 2022 أمانة الإعلام
الحركة الثقافية – انطلياس