الصحة والمرض صراع دائم في سبيل الحياة
في تقديم ندوة : البيئة والسرطان: دراسة ميدانية
هناك مثل عربي يقول: "من يملك الصحة يملك الامل،ومن يملك الامل يملك كل شيء".
كثرت في السنين الاخيرة التقارير التي تفيد بأن صحة الانسان على الرغم من تطور الطب، واكتشاف العلاجات الحديثة، ما زالت مهدّدة بالكثير من الامراض، لا بل ان نسبة المصابين بالامراض الخطيرة على ارتفاع، في لبنان ومعظم دول العالم. نسمع هنا وهناك عن فلان في ربيع العمر، وآخر في سنيّه الاولى مصاب بداء عضال، الكل يتحدّث عن تزايد المرض.
يحضر في ذهني قول عربي مأثور يفيد بأن:"الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه الا المرضى". غريب أمر هذا الكائن البشري المنشغل بأمور عديدة بحثاً عن السعادة والرفاهية والتنعّم بمباهج الحياة وأطيابها، كيف نراه غافلاً عن بعض النقاط الجوهرية الفاعلة بقوة في حياته. لا يعيرها اهتماماً الا اذا اصابته مباشرة، وأنهكت قواه الجسدية والنفسية والمادية.
هل اننا نحن البشر مُعدّون مسبقاً على نحوٍ لا نعرف فيه قيمة الاشياء الا بعد ان نفقدها؟ ام اننا نعتقد انه طالما كان المرضُ بعيداً عنا، فهو لن يُصيبَنا، وبالتالي أمرُه لا يعنينا؟ ثم، هل ان التفكير في المرض والتحدّث عن ازدياد المصابين به، أمرٌ كافٍ لكي نحمي ذاتنا من عواقبه؟ أسئلةٌ تفرض نفسها على كل من أوجعته اسئلة الوعي المصرّ على ادراك الحقيقة، حقيقة ما يجري من حولنا من فقدان الأمن الغذائي، وتدهور الوضع الصحي، وتفاقم عدد الأفراد الذين يعانون من أمراض العصر وعلى رأسها السرطان.
حكمةٌ قديمة تقول بأن "الصحة عمود السعادة"، وهي التي تجعلنا نتمتّع بالحياة وتُضفي على ايامنا مذاقاً جميلاً. بفقدانها، يتدهور الوضع، ويضيق الأفق، ونصبح رهائن المستشفيات، ندور في دوامةٍ مرهقة، الافلاتُ منها ليس بالامر السهل. هذه الحكمة برهنت الايامُ على صحتها، وأكّد العلماءُ على صوابيتها.
للأسف، لم يعد مخفياً على أحد ان الرقابة الغذائية ضعيفةٌ في لبنان، ان لم نقل شبهَ معدومة. الجهلُ سيّد الموقف، والربحُ السريع فوقَ كل اعتبار. لا نعرف ما الذي نبتاعه؟ ما الذي يتمّ طهيُه كل يوم في المطابخ؟ ما هي محتويات أطباقنا الشهية التي تتزاحم اجهزة التلفزيون وتتنافس المطاعم في ما بينها إعداداً للأطيب والاشهى منها؟
أسأل نفسي مراراً لماذا يحقّ لنا أن نقاضي ايَّ انسان تجرّأ وأهاننا، أو اعتدى علينا بالضرب او السرقة او غير ذلك، لا نتردّد في اتهامه ومحاكمته والتشهير به؟ في حين أن الذين هم مسؤولون عن سلامة غذائنا، أي عن صحتنا، ومستقبلنا، وبالتالي سعادتنا، نضعهم خارج كل محاسبة، وفوق اي عقاب؟ لا بل ندفع لهم ثمن ما يدسّونه في قوتنا اليومي من سموم، نبتسم لهم، نشكرهم على فعلتهم، ونمضي في طريقنا، نحن وحظّنا في مواجهة مصيرٍ ملغوم. لماذا لا نجرّم من يتلاعب بالمبيدات والاسمدة الكيميائية وبهورمونات الماشية والطيور؟ لماذا لا نعتبر ان في ذلك انتهاكاً لحرمة اجسادنا وعقولنا؟ لمَ لا نخرج في الشوارع ونرفع الصوت مطالبين بحقنا في غذاءٍ سليم، ونعمل معاً للضغط في اتجاه السلطتين التشريعية والتنفيذية لكي يُعاقب المجرم؟ الا يكفي هذا الوطن اعداء من الخارج؟ الى متى سنبقى نياماً تتقاذفنا مشاريع الربح السريع والأرقام المضاعفة التي لا دين لها، ولا حسيب ولا رقيب؟
أسئلة أضعها أمام هذا الحضور الكريم، وأمام محاضرَينا المتمرّسين بالبحث الجدّي والرصين، واللذين سيجيبان عليها كلٌ من زاوية اختصاصه وعمله الاكاديمي.
------------------------------------------------------------------
مشاركة الدكتور حسّان مخلوف
------------------------------------------------------------------
مشاركة الدكتور محمد مرتضى