لقاء مع جورج خباز حول
السينما اللبنانية
الثلاثاء 11 آذار
كان اللقاء الصباحي مميزاً في 11 آذار 2014 إذ استقبلت الحركة الممثل الكوميدي جورج خباز ولدى دخوله صالة المسرح صفّق له الطلاب بحماس وكان عددهم يوازي المئتين. رحّبت به د. هدى رزق حنا واعلمت التلاميذ بأن موضوع الساعة هو دور جورج خباز في فيلم المخرج أمين درّة الذي وجد اصداء ايجابية لدى الجمهور اللبناني في صالات السينما البيروتية. فمن خلال دور جورج خباز في فيلم "غدي" نستطيع اكتشاف الوجه الآخر للكوميدي المعروف والاصغاء الى قناعاته وافكاره. بعد فيلم فيليب عرقتنجي "تحت القصف" وبعد فيلم امين درّة "غدي" برهن جورج خباز ان دور الممثل في لبنان لا يقتصر على الضحك الرخيص وعلى النكتة السهلة المبتذلة التي يكثر توسلها في البرامج التلفزيونية الفكاهية حالياً فللممثل دور مهم في تغيير المفاهيم السائدة عند المواطن وفي تغيير سلوك الناس تجاه بعضهم، وله دور كبير في مكافحة التمييز والاقصاء والتطرّف.
فدور جورج خباز في فيلم غدي (وهو دور الوالد المجروح لأن ولده المختلف مرفوضاً من قبل اهالي حي المشكّل)، يتعدى التقرّب من اهل الحي لاكتشاف مشاكلهم ومساعدتهم بغية تبديل موقفهم الرافض لحالة ولده، فشخصية ليبا (أي الوالد) في الفيلم تسعى لنشر ثقافة حقوق الانسان وثقافة الخير المشترك. وبعد نبذة سريعة عن حياته ومساره الفني عددت د. هدى رزق بعض البرامج التلفزيونية التي ساهمت الى حدّ كبير في شهرة جورج خباز (جميل وجميلة، عبدو وعبدو فادي وراضي) وبخاصة نساء في العاصفة، الى يارا وطالبين القرب. وتوقّفت عند دوره الدرامي في فيلم تحت القصف وهو دور سائق يساعد سيدة في البحث عن ولدها الضائع في الجنوب اللبناني خلال حرب 6 تموز المدمّرة. ولكن كما هو معروف قلب جورج خباز يميل الى المسرح. قد يستهلك التمثيل على الخشبة الجسد والفكر والاعصاب لكن بسمة الجمهور والتصفيق الحاد الذي يلقاه دائماً يعيدان له ثقته بنفسه ويحفزانه على الاستمرار والمثابرة.
يعتبر جورج خباز ان الكوميديا هي اسرع طريقة لتوصيل الرسالة الى الجمهور والمشاهد اللبناني بأمسّ الحاجة للفرح والنسيان.
اعماله المسرحية متنوّعة على خشبة شاتو تريانو فمن "طق رير"" سنة 1998 حتى "ناطرينو" التي تعرض حالياً مروراً بمصيبة جديدة وكذّاب كبير والأول بالصف ومشت مختلفين لم يتخلّى مرة عن قناعته بأن الموهبة وحدها لا تصنع ممثلاً إن لم تتطعم بالثقافة الفنية، بالذكاء وبالحضور الفني. بطله السينمائي المفضّل هو شارلي شابلن وهو يعتبره قدوة له في سعيه المتواصل لترك بصماته في ارشيف المسرح والسينما لأن شابلن هو مطلق الكوميديا السوداء ذات المضمون المأساوي والشكل الكوميدي المضحك.
بدأ السيد جورج خباز بالتعليق بشكل مفصّل على فيلم "غدي" ونجاحه محلياً وعالمياً ثم تطرّق الى موضوعه الشائك وهو اساساً نظرة اهل القرية للولد المختلف ولكلّ الأولاد ذوي الحاجات الخاصة.
فذكّر التلاميد ان لكلّ منا حاجات خاصة ظاهرة او مستترة وان نظرة الجمهور للولد المختلف قد تتغير بعد مشاهدة هذا الفيلم وان للأهل دور اساسي في تقبّل هذا الولد واعتباره نعمة حلّت عليهم فلكل ولد مختلف دور عليه ان يؤديه ضمن هذه العائلة وضمن هذا الحيّ والله يجرّب محبيه ويعهد اليهم مهمات صعبة. وحتى يستطيع الاهل القيام بدورهم هذا واسعاد ولدهم، على المجتمع ان يتقبل هذا الولد وان يساعده على الانخراط في الحياة اليومية والسعي الى الافضل. وبعد تعقيب د. هدى على اهمية المكان الذي اختاره المخرج لأحداث هذا الفيلم أي القرية البترونية وعلى الواقعية التي اتّسم بها اسلوب تصوير شخصيات الفيلم (الشرطي، المزيّن، اللحام، المثقف، الساذج، المؤمن، المدمنة على التدخين وصناعة المربيات) تطرّق جورج خباز الى الابتسامة الساخرة التي تطفو على اغلب المشاهد لتخفف من وطأة الموقف الدرامي وتسعى الى تخطيه.
بعدئذ انتقل الحوار الى الصالة فتتالت اسئلة الطلاب بسيطة، ظريفة، محكمة وطال الحديث عن ولادة السينما اللبنانية وعن جيل المخرجين الجدد (نادين لبكي، فيليب عرقتنجي، مارون بغدادي، رندا الشهال، ليال راجحة) وعن مقاييس الابداع في العمل السينمائي عامة.
هدى رزق