نظّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" ندوة حول كتاب "لغات اللغة" للشاعر هنري زغيب شارك فيها كلّ من الدكتورة زهيدة درويش جبور والشاعر محمد علي شمس الدين، وأدارها الأستاذ حنا أبي حبيب.
استهلّ الأستاذ حنا حبيب كلمته مبديًا استغرابه كقارئ عنوان كتاب الشاعر هنري زغيب "لغات اللغة". ولكن مضمون الكتاب يتناسب وعنوانه، فهو حصيلة خبرة من سنوات العمر مع الكتابة والشعر، وعبارة عن كم هائل من الآراء والأحكام النقدية يسوقها الى القارئ من منظار شاعر وكاتب وباحث. كل مقطع من مقاطع الكتاب يستدعي التوقف لأنّ هنري زغيب يباغت القارئ، وهمّه الوصول الى "الجماليائي"، الى اللقطة الابداعية. ويضيف الأستاذ حبييب إنّ القرّاء قد يقولون إنّ هنزي زغيب لم يأتِ بجديد. فمن يستقرئ نقدنا الأدبي يرَ ان الشاعر يتلاقى مع هؤلاء المجددين في كثير من الأحكام، ولكن ما يميّز كتابه أنّه يحمل في طياته بعضًا من روائع الشعر العالمية.
وتحدّثت الدكتورة زهيدة درويش جبورأيضًا عن الكتاب، قائلة إنّه إيمان وثقة بالشعر من جهة، وإعادة اعتبار للنثر كفن إبداعي من جهة أخرى. فهو بحث في نظريات الشعر، والنثر، كُتب بلغة تخلو من التعقيد، يعتمد فيه الكاتب ضمير المتكلم، وهذا أمر غير مألوف في لغة البحوث النظرية. واستعرضت الدكتورة جبور القضايا التي تناولها الكتاب، ألا وهي ماهيّة الشعر ودور الشاعر، وفي الكلاسيكيّة والحداثة، بالإضافة إلى التمييز بين الشعر والنثر. وعن ماهيّة الشعر، ودور الشاعر، ذكرت أن الشاعر هنري زغيب يرى الشعر تعبيرًا جميلاً شرطه امتلاك ذائقة فنيّة، ومجموعة تقنيات وقواعد تسمح بتوليد الإحساس بالجمال. والشاعر بنظره هو المؤلّف والرسول والقائد والقابض على المستقبل. وعن الكلاسيكيّة، عرضت لانبهار الشاعر هنري زغيب بعظمة الكلاسيكيّة، الذي يدعو إلى الالتزام بالضوابط كي لا تتحوّل الحريّة في الشعر إلى فوضى،ويدعو إلى عدم التسرع في التصنيفات. ولكنّه مع ذلك، يتفق و شعراء الحداثة على أنّ القصيدة بناء متماسك، ولكنه يختلف معهم في مسألة الإيقاع الدّاخلي. وعن التمييز بين الشعر والنثر، ذكرت الدكتورة جبّور تشدّد الشاعر في التمييز بين الشعر والنثر، متسائلة إن كان هذا التشدد يصب في مصلحة النثر، ويعيد الاعتبار له.
أما الشاعر محمد علي شمس الدين، فتحدّث عن الالتباس الذي يقع فيه الشاعر هنري زغيب، في محاولته التمييز بين الشعر والنثر. فكلّ ما يقوله في خصائص الشعر، يقوله في النثر، من إيقاع وصور ولغة. ولكن أهمية هذا الالتباس تكمن في أنّه يطرح تساؤلات عدة، فالشكّ أفضل من اليقين. وشدّد الشاعر محمد علي شمس الدين على نقاط أربع يتضمنّها الكتاب، وهي مسألة الأصول وعلاقتها بالحداثة الشعرية، والمصطلح وأهميته، ومعنى الايقاع، والنثر وحقوله الجديدة. واستنتج من خلالها أنّ الشاعر هنري زغيب متمسّك بالأصول، متشدّد في المصطلح، متعلّق بالإيقاع سواء أكان في النثر أو في الشعر، ومنفتح على النثر. ورأى أنّ عبارة "قصيدة النثر"، على عكس ما يرى زغيب، هي عبارة موفقة لأنها تدلّ على شكل جديد أو متجدّد للقصيدة. وختم كلمته قائلاّ إن أهمية الكتاب تنبثق من من أهميّة الأسئلة الّتي يطرحها، والشواهد التي يدعم بها الشاعر وجهات نظره.