كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" الدكتور "بطرس لبكي"
قدّم التّكريم: الدكتور "ملحم شاوول"
أدار اللقاء: الأستاذ "نعوم خليفة"
ذكر مدير اللقاء، الأستاذ "نعوم خليفة" أنّ المكرّم هو مجموعة أعلام وليس علماً واحداً. إنّه متعدد المواهب والطاقات والتخصصات والنشاطات والمسؤوليات. فاق نشاطه المهني حدود الوطن. موسوعي يمتد فكره أفقياً إلى رحاب البحث العلمي المتنوع، كما يغوص عمودياً لمعالجة عمق المسائل والمواضيع التي يطرحها. وأمامه لا يمكن للإنسان إلا أن يحني رأسه احتراماً ويرفعه افتخاراً. ومن أدرى بالمكرّم به من صديقه ورفيقه الدكتور "ملحم شاوول".
لفت الدكتور "ملحم شاوول" إلى صعوبة تقديم صديقه: ذاك ليس عملاً سهلاً ولا تمرينًا بسيطاً. وأكّد منذ بداية الحديث أنّه لن يكون موضوعياً ولا حيادياً ولا ربّما علمياً. وعبّر عن إعجابه الكامل بمسيرة "لبكي" الشخصيّة التي تذكّر بعصر النهضة العربية وعصر النهضة الأوروبية (Renaissance)التي تتلازم مع النزعة الإنسانية. فهذا المتقاعد لا يزال معطاءً في مجالات التعليم والبحث والعمل الاجتماعي، يبحث في التاريخ الاجتماعي المسيحي وتجارب الشبيبة الطالبة المسيحية في لبنان وفي إرساء ذاكرة تجربة بعثة "إرفد" من منصبه كنائب رئيس تنظيمها الدولي، ويتابع حالياً برنامجاً بالغ الأهمية هو برنامج حوار الحضارات. وخاض "بطرس لبكي" تجربتين حاسمتين في حياته : تجربة في العمل الرسمي في مركز النائب الأول لرئيس "مجلس الانماء والإعمار"، وتجربة الالتزام الكنسي في العالم من خلال انكبابه على تحضير السينودس من أجل "لبنان" وإنجاحه. وكانت مفاصل حياته ردود فعل خلاقة، محفوفة بمنطق الحياة بوجه منطق العنف وغزائر الموت القاتلة". وساهمت الحرب إلى حد كبير في بلورة شخصية "بطرس" الباحث، المعلم والإنمائي، هذه الشخصية التي تجلّت في أطروحة دكتوراه بعنوان "مدخل إلى تاريخ لبنان الاقتصادي، الحرير والتجارة الخارجية في نهاية الحقبة العثمانية". فتختزل أطروحته جميع مستويات البحث وتطلعاته المستدامة لدى الباحث، وتحدد المحاور الأساسية لما ستكون عليه اهتماماته البحثية لاحقاً . وانطبع "بطرس لبكي" بثلاثة أشخاص هم "الأب لوبريه" و"الأب جان دوكرويه"، و"فرانسوا بيرو" عالم الاجتماع. وهكذا عندما قالت له الحياة " هذا هو عالم اليوم يا بطرس وهذه مشاكله وهذه طاقاته، عليك العمل يا بطرس تفضّل"، لبّى فورًا النداء.
أمّا الدكتور "بطرس لبكي"، العلم الثقافي المحتفى به، فشكرمبادرة "الحركة الثقافية-أنطلياس"، هذه الحركة التي حملت في أحلك ظروف الحروب في لبنان وعلى لبنان (1975-1990) راية الحوار العقلاني وحتمية العيش المشترك في لبنان وحرية الفكر ودور الثقافة في بناء المجتمع والفرد والأصرار على الديمقراطية العلمانية والدولة المدنية والعدالة الأجتماعية في إطار الوحدة الوطنية. وشكر أيضًا الدكتور "ملحم شاوول" على تكبده مشقة إعداد نص بمناسبة هذا التكريم، وكل الأصدقاء والأحباء اللذين تكبدوا مشقة الحضور. وعرض في كلمته مراحل مغامرته التي انطلقت من الأسرة المتأثرة بالتعاليم المسيحية قولاً وفعلاً وبخاصة والده "أنطوان لبكي"، إلى المدرسة والجامعة. وتطرق إلى الميدان المهني حيث عمل في وزارة التصميم العام،والتنمية. وذكر أنّه في غياب الإدارة الحقة شعر بعبثية التجربة وترك وزارة التصميم. وفي آواخر العام 1974 التحق بالجامعة اللبنانية. وتحدّث عن التحاقه لاحقًا "بمجلس الإنماء والإعمار" لفترة ما بين 1991 و2000 كنائب أول لرئيس المجلس في دورتين، ومن ثمّ عودته إلى كنف الجامعة". وفي الجامعة لمس أنّ الطلاب والأساتذة يجترحون المعجزات الفكرية والانتاجية إن توفرت لديهم الموارد اللازمة. فيجب حتى تتحسن الجامعة اللبنانية، تعزيز الإدارة الرشيدة وتحسين مستوى اللغات الأجنبية في بعض الكليات والمعاهد. ولكن مع كافة العقبات، لا تزال الجامعة اللبنانية خزانًا للكفاءات العلمية. وختم كلمته غارفًا في تجربته الكتابية في الصحف والمجلات والكتب الجماعية. وأشار أنّ تجربة الكتابة ممتعة ومفيدة للكاتب وللقارئ. اذ تجبر الكاتب على توضيح أفكاره ومعلوماته وتحمله مسؤولية ما يكتب. وتضع أمام القارئ وقائع وآراء قد تكون مفيدة أيضاً. لذلك يدعو الأجيال الشابة إلى الكتابة والنشر.وذكّر بأنّ الأنماء مستحيل بدون دولة بقيادة تريد فعلاً الأنماء لمصلحة كل لبنان وكل اللبنانيين.
وتلت شهادات بالمحتفى به من د. مرلين نصر ود. نافذ الأحمر ود.فرحان صالح والشيخ يوسف الجميل والسيد روجيه ملكي ود. روبرت كاسباريان والسيد جورج ملكي ود. نادر سراج ود. بسام الهاشم ود. عصام خليفة.
وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الأستاذ "جورج أبي صالح" شعار الحركة إلى المحتفى به ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.