كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس القاضي عفيف شمس الدين
قدّم التّكريم: القاضي بشارة متى
أدار اللقاء: المحامي جورج بارود
رحّب مدير الندوة، المحامي "جورج بارود" بالحاضرين المشاركين في تكريم القاضي " عفيف شمس الدين" الذي تدرّج فتيًا على سلّم السلطة القضائية، وتنقل بين أقواسها، بعد تخرجه العام 1965، من معهد الدروس القضائية، من قاض للتحقيق، إلى رئيس للغرفة الابتدائية، إلى رئيس لمحكمة الاستئناف، إلى رئيس غرفة لمحكمة التمييز، ثم إلى عضو في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مرورًا بعضوية مجلس القضاء الأعلى، والمجلس العدلي، واستمراره رئيسًا لصندوق تعاضد القضاة على مدى ثمانية عشر عامَا. لم يكتف بهذه المناصب، وإنما راح يغرف من العلم حتى نال درجة الكتوراة دولة، ويغرق في البحث والتوثيق والتأليف، فأصدر ما يزيد عن السبعين كتابًا تناولت مواضيع شتى من القانون. وهو لا يتوانى عن عقد جلسات المحاكمة حتى في أحلك الظروف الأمنية، يديرها بحكمة وهدوء وعلى وقار واحترام. فهو من هذه الطينة من القضاة الذين لا يزال قصر العدل يزهو بهم ويفخر، وبالرغم ما يقال ويشاع عن السلطة القضائية في العلن والخفاء، لا تزال تشكل الصفة الغالبة. وأضاف المحامي "بارود": "وهنيئًا لمكرمنا الليلة، الرئيس "عفيف شمس الدين"، لأنه يندرج في عداد الذين عاشوا في حياتهم القضائية، التجرد والاستقلال ولأن اسمه سوف يدوّن في سجلات الكبار ممن تولوا الحكم على أقواس العدالة فقرروا وقضوا وعاقبوا منصفين عادلين في زمن لا يُحسد الوطن عليه. وترك الكلام للقاضي الكبير والمفكّر والكاتب "بشارة متى" الذي سبق للحركة الثقافية أن كرّمته في العام 2009.
لفت القاضي"بشارة متى" أنّهفي تكريم القاضي "عفيف شمس الدين"، يموج أمام مهرجان من الذكريات كألق الثريا "فأحار أيّ نور من الأنوار أختار. هو رفيق الدرب، تجاورنا وتزاملنا فتصادقنا. هو الآتي من "جون"، البلدة المرتاحة على وسادة صحرية خضراء، ومنذ تجاورنا ارتحت إليه، وقرأت في وجهه صورة الضيعة التي أحبها وحملها معه". وذكر القاضي "متى" أنّه دعمه عندما أصدر مجلة القضايا وكتب فيها العامود المفضّل مع لفيف من الرفاق. وذكر أنّه وجد نفسه عندما وصل إلى القضاء، كأنّها الساحة المنشودة، فراحت عطاءاته تتفتح، فحمل ميزانه ومشى في رحلة العدالة: من قاض منفرد في حاصبيا إلى قاضي تحقيق في بعلبك، فإلى ساحل بيروت قاضيًا منفردًا في الجديدة، صعودًا إلى بعبدا رئيسًا لمحكمة الدرجة الأولى وانتهى به المطاف في بيروت رئيسًا لمحكمة الاستئناف، فإلى رئاسة محكمة التمييز الجزائية، وعضوًا في مجلس القضاء الأعلى وفي المجلس العدلي. فضلاً عن ذلك راح يملأ خزائن القانون بكثير من المؤلّفات في قضايا الايجارات والقضايا المدنية والجزائية. فباتت المؤلّفات مرجعًا يفيء إليها أهل القانون وخزانة مشرعة لقاصديها كأنها "كرم على درب". وأضاف القاضي "متى" أنّ "شمس الدين" أخذ على عاتقه إنشاء العقول الشابة فدرّس في الجامعات ومعهد الدروس القضائية وفي عضوية اللجان حيث تُعد مشاريع القوانين وله فيها الدور الكبير. وختم كلمته بمثل صيني مفاده أن على الانسان القيام بأمر من ثلاثة: أن يتزوّج أو أن يزرع شجرة أو أن يؤلّف كتابًا. وأتقن القاضي "عفيف شمس الدين" حَبك أضلع هذا المثلث فكان مُثمر الحرث، فهو متزوّج يحتضن عائلة مميّزة وأكثر من الزرع، فإذا في أرضه تطلّ العريشة من حضن الزيتونة ووقف على برج من المؤلفات والمصنفات القانونية. فهو تخطى المثل الصيني ليغدو أمثولة لبنانية.
شكر المكرّم، القاضي "عفيف شمس الدين" "الحركة الثقافيّة" على لفتتها. واعتبر أنّ لكل شخص في لبنان همومه و"للحركة الثقافية- أنطلياس" همّها، ألا وهو كيفية ابقاء راية العلم والثقافة عالية ومرفرفة. ولكي يتحقق ذلك، لا بد للكتاب من معرض سنويّ وللأعلام من تكريم. وأكّد أنّ شمعة المجتمع اللبناني سيبقى لن تنطفئ طالما يعمل أعضاء "الحركة" على إبقاء مشعل الثقافة والعلم نيرًا. وشكر القاضي "بشارة متى" على تقديمه الذي أعاده خمسين عامًا إلى الوراء.
وتلت شهادات بالمحتفى به على لسان كلّ من: السيدة إلهام حنّا، والرئيس جون القزي، والقاضي ياسر مصطفى، والقاضي يحي غبورة، والمحامي أحمد الزين، والسيد ريمون عازار والآنسة رازان العطوي والأستاذ علي الطرابلسي والشاعر ناصر مخّول.
وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الأستاذ "جورج أبي صالح" شعار الحركة إلى المحتفى به ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.