كرّمت الحركة الثقافيّة- أنطلياس الدكتور روبير كاسباريان
قدّم التّكريم: الدكتور بطرس لبكي
أدارت اللقاء: الدكتورة تراز الدويهي حاتم
رحّبت مديرة الندوة، الدكتورة "تراز الدويهي حاتم" بالمشاركين في تكريم علم من أعلام الثقافة في لبنان الدكتور "روبير كاسباريان"، هذا الباحث والخبير الاحصائي الذي اتّسم طوال حياته المهنية بالاستقامة والنزاهة. وآمن أيّما ايمان بقوّة الأرقام فانكبّ على أبحاث احصائيّة، ودرس الأرقام وعلاقتها في تفسير الوقائع الاجتماعية والاحصاء الديمغرافي. ولطالما كان شغله الشاغل إدراج الاحصاءات عند دراسة الظواهر الاجتماعية والاقتصادية. من هذا المنطلق،سخّر خبرته في خدمة "مرصد الجامعة حول الحقيقة الاجتماعية-الاقتصادية" التابع لجامعة القديس يوسف. يشغل حاليًا منصب مستشار في رئاسة مجلس الوزراء وتبوأ مناصب مهمة في القطاع العام. وهو خير مثال للأجيال الشابة على الالتزام الجاد في بناء دولة حديثة. وفضلاّ عن اهتمامه بالقانون وعلم الحساب والاحصاءات والعلوم السياسية، يهوى الطبيعة اللبنانية بجبالها ووديانها وكان ممن اكتشفوا مغارة "جعيتا" العليا. وتُحرّك شغفه بالطبيعة والاحصاءات قيم انسانية تحاول كسب الرهانات السياسية الاقتصادية والبيئية حتى يزدهر لبنان وينعم اللبنانيون بغد أفضل.
وعرض الدكتور "بطرس لبكي" مراحل حياة المكّرم، وعدّد صفاته الحميدة التي جعلته خبيرًا احصائيًا وعَلمًا لبنانيًا. وذكر أنّه عرف الوجه الآخر "لكاسباريان" قبل أن يعرفه كخبير احصائيّ. فهو محبّ الطبيعة، مكتشف الكهوف، عاشق الموسيقى والأغاني، يتميّز بتواضعه ونزاهته. هو هذا الجندي الذي لا يعرف المجتمع المدني تمامًا قيمته ولا حتى الشباب الجامعي! فكم له من فضل على علم الاقتصاد والاجتماع والسكّان. يجسّد بحقّ المعنى الأصلي لكلمة احصاء. فباللغة الفرنسية نجد جذرين لهذه الكلمة، جذر يوناني يعني أنّ الاحصاء هو ملاحظة وجذر ألماني يفيد أنّ الاحصاء يشتق عن كلمة دولة. والدكتور "روبير كاسباريان" يمتاز بتعلّقه بالملاحظة وبتمثيله مفهوم الدولة. نال إجازة في الحقوق من جامعتي "ليون" و"القديس يوسف" العام 1958، وإجازة في الرياضيات وديبلوم دراسات معمّقة في الاحصاءات. فضلاً عن دكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعتي "ليون" و"القديس يوسف" وموضوعها "الإدارة والحساب الاقتصادي". شغل منصب مستشار في وزارة التصميم وألحق لدى مصرف لبنان بصفة مستشار الحاكم في مجال الاحصاءات والدراسات الاقتصادية والنقدية، وفي العام 1993 أصبح المدير العام للإحصاء المركزي لدى رئاسة مجلس الوزراء. كما وأنّه تعاقد مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم الإدارة اللبنانية ووزارة المال بشكل خاص كمستشار في حقول تنظيم الاحصاءات والمحاسبة وكُلّف بإعداد الحسابات الاقتصادية للدولة اللبنانية للعام 1997 والعام 2002 حتى الآن وتعاقد مع مكتب العمل الدولي لدراسة العمالة وتنظيم تحقيق أجرته المؤسسة الوطنية للاستخدام حول الإستخدام. مارس التدريس في كليّات جامعية عدة لينقل خبرته في المجال الاحصائيّ. في جعبته عدد وافر من الدراسات كما وأنه شارك في الدراسات الأولية لإدخال ضريبة القيمة المضافة ومشروع الهاتف النقال وغيرها. واعتبر الدكتور "لبكي" أنّ "كاسباريان" رجل متعدد المواهب والاختصاصات، يتألّق من علياء منزله في اللقلوق، ويعتبر أب الاحصاء في لبنان والمساهم الفعلي في تنشئة الشباب على أهمية الاحصاء لذا يستحقّ كلّ تكريم.
شكر المحتفى به، الدكتور "روبير كاسباريان" "الحركة الثقافية-أنطلياس" على تكريمه وذكر أنّه سينتهز اعتلاءه منبر هذا الصرح الذي يحمل شعلة الثقافة حتى يعزّز ثقافة الاحصاء في لبنان. فهو سيتطرّق إلى وضع الاحصاء في الدولة اللبنانية انطلاقًا من خبرته الطويلة في هذا المجال. وفي كلمته التي تلاها باللغة الفرنسية قال إنّ الاحصاء لم يكن يومًا محور النقاشات العامة، ولم يأخذ الناس الشوارع مطالبين بالقيام بإحصاءات جديّة في البلاد، مع أنّه يشكّل مع الجيش والقضاء الركائز الثلاث لبناء دولة. فدولة بلا إحصاء كرجل بلا هوّية. وهكذا بعد نيله ديبلوم دراسات معمّقة في الاحصاءات في باريس عاد إلى لبنان وعيّن مستشارًا في وزارة التصميم. كان شخصيًا على ثقة بأنّ وظيفة الدولة لمشرّفة، فهو يوافق "فرانسوا بلوش لينيه" الرأي عن موظفي الدولة: "اخترت أن أخدم سيدًا واحدًا أوحد: أي الدولة التي يتمتّع فيها موظفوها باستقلالية وحرية لا نجدهما في المهن الأخرى، إلا في خلال سنوات التي لا يكون فيها ذلك البلد حرًا."
وتطرّق إلى علم الإحصاء في خدمة التصميم متحدّثًا عن واقع الإحصاء عندما وضع معهد البحوث والتشكيل من أجل التنمية (IRFED) في العام 1959 خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعن دور أعمال الإدارة المركزية للاحصاء (DCS)في التصميم. وتحدّث ثانيًا عن حلّ الادارة المركزية للاحصاء التابعة لوزارة التصميم وتحوّلها إلى إدارة الإحصاء المركزي (ACS)التابعة لرئاسة مجلس الوزراء. وذكر الدكتور "كاسباريان" أنّ شلل الإدارة في البدء سمح بانتشار عدد من الشركات الخاصة المعنية بالإحصاء، لذا قدّم برنامجًا إلى الحكومة من شقّين، على المدى القصير والطويل، يهدف إلى تطوير الإحصاء في لبنان وتدريب موظفين يتمتعون بالكفاءة المطلوبة. وأثمر هذا البرنامج فتم القيام بمسوحات شاملة ودراسات للأبنية والمساكن والمنشآت الصناعية الممتدة على الأراضي اللبنانية كافة وحصلت إدارة الإحصاء المركزي على مساعدة من الاتحاد الأوروبي لتهيئة كوادر مختصّة. وقد شدّد الدكتور "كاسباريان" على أهمية تدريب الموظفين وتعيين أشخاص كفوئين. وعبّر أخيرًا عن أفكاره حول علاقة الإحصاء بالدولة والإحصاء والديمقراطية واستقلالية الاحصاء عن مراكز القرار. ولفت إلى ضرورة تحييد الإحصاء عن التوزيع الطائفي سواء يتعلّق ذلك بالاستعلام عن ظروف المواطنين المعيشية أو تعيين الموظفين والمدير العام للاحصاء المركزي. واعتبر أنّ الحقّ في الاطلاع على الإحصاء حقّ ضمنيّ في كل ديمقراطيّة حتى لو لم يقرّه الدستور.
وتلت شهادات بالمحتفى به على لسان كلّ من: الدكتور ألبير الداغر، والأستاذ سامي كركبي، والسيدة منى مكرزل والسيّد لوران دوليفر والآنسة ليلا كاسباريان، وتم عرض صور ومقاطع فيديو سلّطت الضوء على الوجه الآخر "لكاسباريان"، مكتشف الكهوف، وعاشق الطبيعة وخبير التزلّج.
وفي الختام قدّم أمين عام الحركة، الأستاذ "جورج أبي صالح" شعار الحركة إلى المحتفى به ونسخة عن النصّ الأصليّ لعاميّة أنطلياس الشهيرة، عاميّة 1840.