في ختام المهرجان اللبنانيّ للكتاب - السنة السادسة والعشرون 2007
تقدّم الحركة الثقافيّة - أنطلياس، بالتعاون مع الجامعة الأنطونيّة
حفلة موسيقيّة من التقليد الموسيقيّ التدرّبيّ المشرقيّ العربيّ مع ارتجال التقاسيم
كمان: نداء أبو مراد (لبنان)
عود: مصطفى سعيد (مصر)
تقديم: بريجيت كسّاب
الأحد 18 آذار 2007، 18:30 - الحركة الثقافيّة - أنطلياس، دير مار الياس، قاعة المسرح
في التقليد التدرّبيّ
يشكّل التجدّد علامة فارقة تميّز التقليد الشريف التدرّبيّ التسليميّ، المرتبط بالمسارّة والتسليك، عن التقليد الشعبيّ. ففي حين يكتفي الثاني بتكرار النماذج الموروثة، ينقل الأوّل إلى المريد ملكة تأويل التراث، أي القدرة على الولوج إلى المعنى كمفتاح لفهم عميق للموروث في جانبه الثابت، ولإعادة صياغته في جانبه الطارئ، بما في ذلك إنتاج النماذج الجديدة على نسق الموروث. وبالفعل، يشكّل التأويل المرحلة الثانية من التسليك في التقليد، وذلك بعد مرحلة أولى قائمة على التخزين، وقبل مرحلة ثالثة آيلة إلى التثمير. ويضحي التأويل، فالتجدّد، وكذلك تسليك الآخر، واجبًا لمن يلج إلى سرّ التقليد. وقد تتزامن عمليّتا الاستقراء والتجدّد، فيصبح الطارئ فوريًّا، ما يؤسّس لمفهوم الارتجال التأويليّ، وهو شرط ملزم في بعض الأطر الثقافيّة، إذ دونه لا يتحقّق التقليد. وهو حال التقاليد الموسيقيّة العربيّة (والعثمانيّة والفارسيّة والكنسيّة الشرقيّة) التدرّبيّة، بحيث يشكّل الارتجال الموسيقيّ المتقن فيها سمةً نظاميّة أساسيّة تطبعها في العمق. وبالفعل، لا يجوز في الأداء الموسيقيّ المشرقيّ التقليديّ الصحيح إلاّ تأويل الموروث، أي إثراؤه بشكل فوريّ، إن من خلال إعادة صياغة النصّ الموسيقيّ المؤدّى، بالتزامن مع أدائه، ما يسمى بالتنويع المرتجل، أو من خلال إنتاج فوريّ لنصّ موسيقيّ جديد على نسق محصّلة ضمنيّة لمجموعة كبيرة من النماذج الموروثة، المخزّنة في كيان الموسيقيّ السالك والمسماة رصيدًا نموذجيًّا.
نداء أبو مراد
البرنامج
عرف التقليد الموسيقيّ الفنّيّ والعالِم الخاصّ بالمشرق العربيّ "عصرًا ذهبيًّا" أوّليًّا خلال الحقبة العبّاسيّة، تبعته فترة طويلة من الهمود، إلى أن تمّت ترجمة النهضة الثقافيّة العربيّة في حقل الموسيقى خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، أي إلى أن تحقّقت بوادر "عصر ذهبيّ ثان". هكذا وصل المرنّمون (غناءً وعزفًا) في مصر ولبنان وسوريّة، خلال القرن التاسع عشر، إلى مستويات عالية من الإبداع ومن العمق في التعبير النغميّ، ما يتجلّى بخاصّة من خلال الاطّلاع على كتابات ميخائيل مَشّاقة (1800-1888) وتسجيلات مدرسة عبده الحامولي (1843-1901).
ينطلق نداء أبو مراد ومصطفى سعيد من فقرات من الرصيد النموذجيّ الموروث عن مدرسة النهضة الموسيقيّة العربيّة لارتجال سلسلة من التقاسيم المرسلة والتقاسيم الموقّعة على ضروب متعدّدة: البمب، الوحدة، الدارج، الأقصاق، السماعي الثقيل. وتتسلسل هذه الفقرات الثابتة والمتحوّلة في إطار وصلات تتمحور كلّ منها على مقام محدّد (راست، بيّاتي، سيكاه الخ). أمّا الفقرات الموروثة، فتنتمي إلى القوالب التالي ذكرها:
1- الدولاب: مقدّمة قصيرة تبرز بنية المقام.
2- البشرف والسماعي: قالبان مقتبسان في الأصل عن التقليد العثمانيّ، فيهما يتواتر التسليم مع الخانات الثابتة لحنيًّا، وذلك على ضروب ثنائيّة أو مطوّلة في البشرف، وضروب من صنف السماعي الثقيل (10\8) أو الدارج (3\4) في السماعي. وقد يضيف المؤدّي ارتجالاً للتقاسيم على مسار البشرف أو السماعيّ.
3- التحميلة: تواتر بين ارتجال التقاسيم الموقّعة من قبل أحد العازفين والأداء الجماعيّ للازمة.
4- اللحن: ثمّة رصيد من الجمل اللحنيّة الموروثة التي يمكن للعازف أن يتّخذها منصّة لارتجال التقاسيم في التواتر معها. من الألحان التي يتمّ أداؤها على هذا الشكل في هذه الحفلة: مقتطفات من ألحان الأسبوع العظيم المارونيّ والأرثوذكسيّ، مقتطفات من الرسالة الشهابيّة في الصناعة الموسيقيّة لميخائيل مشّاقة.
نداء أبو مراد: مدير المعهد العالي للموسيقى - الجامعة الأنطونيّة، أستاذ (بروفيسور) ودكتور في علم الموسيقى، دكتور في الطبّ، باحث أكاديميّ، له عدّة دراسات منشورة في موسوعات ومجلاّت علميّة، وهو كذلك مؤلّف موسيقيّ وعازف كمان بحسب النهج التقليديّ العربيّ، وله 14 قرصًا مدمجًا - منها إحياء مدوّنات صفيّ الدين الأرمويّ الموسيقيّة من العصر العبّاسيّ وإحياء الرصيد اللحنيّ الوارد في الرسالة الشهابيّة لميخائيل مشّاقة - ومشاركات عديدة في مهرجانات موسيقيّة دوليّة.
مصطفى سعيد: أستاذ العود وفنون التقاسيم والتخت في المدرسة الموسيقيّة الأنطونيّة - الجامعة الأنطونيّة، مدير فرقة "أصيل" (مصر). أستاذ العود سابقًا في بيت العود العربيّ في القاهرة. حائز على بكالوريوس في الأدب واللغة الانكليزيّين من جامعة عين شمس وعلى شهادة بيت العود العربيّ في القاهرة. له قرصان مدمجان - أحدهما يشارك فيه نداء أبو مراد في إحياء تراث ميخائيل مشّاقة - ومشاركات عديدة في مهرجانات موسيقيّة دوليّة.
كلمة بريجيت كساب
وتأتي ساعة الوداع، لا بل إنّها ساعة إلى اللقاء، وقد جمعنا من هذا المهرجان باقة من الثقافة الملونة، أردنا ان نعطّرها باللحن المميّز عزفا وارتجالا، يصنع حاضرا مستعينا بالتقليد، مبيّنا قيمة الموروث والقدرة على فهمه وغناه ودوره في التجدد. فللموسيقى ثقافتها وتاريخها تمتد من الأزل إلى الأبد، هي الحياة والموت، هي الماضي والحاضر، تستحق أن نوفي جزأ من حقّها في أن نعرف حقيقتها ونقدّر حقّ التقدير مسيرتها عبر الأجيال.
نختم مهرجان الكتاب اليوم عزفا وارتجالا، من نفس اتّحدت بالموسيقى، من قلب عشق اللحن، من أنامل رقصت على الأوتار أنغاما لتخبرنا عمّا غفلنا عنه من ثقافة الموسيقى الغنيّة بمفردات الألحان فتساهم بالتجدد إنطلاقا من التاريخ الموروث .
يقرأ علينا في كتاب الموسيقى عزفا، في صفحة التقليد الموسيقي التدرّبيّ المشرقيّ العربيّ مع إرتجال التقاسيم
على الكمان نداء أبو مراد: مدير المعهد العالي للموسيقى - الجامعة الأنطونيّة، أستاذ (بروفيسور) ودكتور في علم الموسيقى، دكتور في الطبّ، باحث أكاديميّ، له عدّة دراسات منشورة في موسوعات ومجلاّت علميّة، وهو كذلك مؤلّف موسيقيّ وعازف كمان بحسب النهج التقليديّ العربيّ، وله 14 قرصًا مدمجًا - منها إحياء مدوّنات صفيّ الدين الأرمويّ الموسيقيّة من العصر العبّاسيّ وإحياء الرصيد اللحنيّ الوارد في الرسالة الشهابيّة لميخائيل مشّاقة - ومشاركات عديدة في مهرجانات موسيقيّة دوليّة
على العود مصطفى سعيد: أستاذ العود وفنون التقاسيم والتخت في المدرسة الموسيقيّة الأنطونيّة - الجامعة الأنطونيّة، مدير فرقة "أصيل" (مصر). أستاذ العود سابقًا في بيت العود العربيّ في القاهرة. حائز على بكالوريوس في الأدب واللغة الانكليزيّين من جامعة عين شمس وعلى شهادة بيت العود العربيّ في القاهرة. له قرصان مدمجان - أحدهما يشارك فيه نداء أبو مراد في إحياء تراث ميخائيل مشّاقة - ومشاركات عديدة في مهرجانات موسيقيّة دوليّة
ينطلق نداء أبو مراد ومصطفى سعيد من فقرات من الرصيد النموذجيّ الموروث عن مدرسة النهضة الموسيقيّة العربيّة لارتجال سلسلة من التقاسيم المرسلة والتقاسيم الموقّعة على ضروب متعدّدة: البمب، الوحدة، الدارج، الأقصاق، السماعي الثقيل. وتتسلسل هذه الفقرات الثابتة والمتحوّلة في إطار وصلات تتمحور كلّ منها على مقام محدّد (راست، بيّاتي، سيكاه الخ). أمّا الفقرات الموروثة، فتنتمي إلى القوالب التالي ذكرها:
الدولاب، البشرف والسماعي، التحميلة، اللحن.
ويبقى في البال لحن نردّده، نغمة ندندنها نحملها معنا إلى بيوتنا نخزّنها في عقولنا، نستذكرها في مجالسنا فنبتسم لها وبها يهنأ عيشنا . جميل أن نأخذ معنا في نهاية هذا المهرجان كتابا نتغذى به بانتظار السنة القادمة، مغلّفا بباقة ألحان تغني نفوسنا ونعتذر قليلا من حياة الواقع لنذهب إلى عالم الأحلام لننعم بالحب والسلام والطمانينة.