كلمة الأستاذ حنا أبي حبيب في تقديم شهادات
في رئيف خوري – قصر الاونيسكو
السبت 2013/11/2
ــــــــــــــــــــــــــ
أيها السادة،
يعدّ رئيف خوري علما من أعلام الفكر في عصرنا الحديث، وعلامةً فارقة في تاريخ أدبنا المعاصر، فلقد جمع في شخصه شخصيات عدّة، قلّ ان تجتمع في شخصٍ سواه، فحين يُذكر اسم رئيف خوري تسابقك النعوت الى وصفه، فهو الأديب المجدّد، والشاعر المرهف، والمفكر العميق، والناقد البنّاء، والصحافي الثائر، والأستاذ الألمعي، والمناضل الوطني، والديمقراطي العلماني، والقومي العربي، وهو قبل كل هذا وذاك الإنسان – الإنسان – الإنسان الملتزم بحق كل الناس بحياة حرّة سيدة كريمة، والمؤمن به إيماناً راسخاً لا يتزعزع وهو القائل:
من ذا يقول خذلت في إيماني وأنا الذي آمن بالإنسان
لقد طوى رئيف خوري عمره القصير في النضال لترسيخ ما آمن به، فاستحق بجدارة لقب الأديب الملتزم بامتياز، وما تكريمه اليوم في الذكرى المئوية الأولى لولادته إلا اعتراف بعظمته وإكبار لعطاءاته، ورد بعض الجميل لجميله، ولكن، تراه لو حلّ بيننا الآن، ماذا عساه يقول؟ والوطن العربي الذي حمل لواءَ وحدته مقطّع الأوصال، أسير جاهليّة تغرقه في التمزق والدماء. ولبنان الذي غنّى وأراده أولاً في الموكب، ورأى فيه أرضاً يدُ الله بها، ارض حقول الزنبق (كما يقول) لبنان اليوم موهن الاعصاب، مشوش الأفكار، تتنازعه الصراعات والسياسات الضيّقة، وتكاد تخنقه الأشواك الغريبة والعصبيات الإقليمية – لبنان الذي حلمت به يا استاذ رئيف، يكرّمك اليوم، عبر هذه النخبة، يستذكرك فكراً ومسيرة حياة، وقد رفع لك بالأمس في بلدتك الحبيبة نابيه التي ما احتملت عنها بعاداً، رفع لك فوق ترابها تمثال الوفاء، أنت الذي رفعت جبينها عالياً نحو السماء.