إفتتاح المهرجان اللبناني للكتاب  السنة الثانية والاربعون  ٢٠٢٥

 

 

كلمة أمين معرض الكتاب الأستاذ منير سلامه

   بعد سنتين من غياب الرعاية الرسمية للمهرجان اللبناني للكتاب بسبب ألفراغ الرئاسي, نعود أليوم إلى إفتتاح ألسنة الثانية والاربعين لهذا المهرجان برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ممثلا بمعالي وزير ألثقافة ألأستاذ غسان سلامة.

فالحركة الثقافية-إنطلياس ومنذ تأسيسها في ظل سنوات الإقتتال والتشرذم,حرصت على أن تكون الرعاية لرئاسة ألجمهورية رمزِ وحدةِ أللبنانيين على مساحة لبنان الكبير.

حضرة السيدات والسادة,

مع إنتخاب الرئيس جوزف عون وتشكيل ألحكومة برئاسة الدكتور نواف سلام وألممثُل بمعالي وزيرة ألبيئة ألدكتورة تمارا ألزين ,وألتي تضمً بمعظمها وجوهاً جديدة من خارج ألمنظومة ألتقليديةالتي رعت الفساد وشاركت مافيات ألمصارف في سرقة أموال ألمودعين,و وأوصلت هذا الوطن الجميل إلى ألانهيار,يتطًلع أللبنانيون اليوم بأملٍ إلى ألمستقبل ,وينتظرون محاسبة الفاسدين ومعاقبتهم في أي موقع كانوا ويتمًنون رؤية هؤلأ أو ألقسمَ ألأكبر منهم وراء ألقضبان .ولكنهم وفي ألوقت نفسه في قلقٍ دائم من أن يعمد ألمتضررون من خطاب الرئاسة ومن بيان الحكومة,إلى عرقلة مسيرة الإصلاح والإنقاذ وإعادة البناء وفرض هيبة الدولة والقانون.

أيها الحضور  الكريم,

على صعيد التطورات في ألمنطقة والتي يتفاعل معها لبنان على المستويات كافة سلباً أو إيجاباَ,فقد إنتهى فيها دور ألأنظمة ألتي دمَرت بلدانها وفككَت أواصرهابعد أن تغنًت ولعقودٍ بشعارات ألوحدة ألتي أصبحت كما ترون  مجموعات ٍ متناحرة طائفياَ ومذهبياً وعرقياً ومناطقياً,وألحرية والشاهدُ عليها مئات ألألوف من القتلى والمخفيين في السجون الشهيرة والمقابر الجماعية.أمَا ألإشتراكية فتظهر في الغنى الفاحش لهؤلاءالحكام الهاربين الذين أودعوا ثرواتِ بلادِهم وشعوبِها في مصارفِ دولِ ألإستكبار والإستعمار والأمبريالية,وتركوا شعوبهم تعاني من الفقر والجوع والتشرًد.

لكنً الأوضاع الآن لا تدعو الى الأرتياح أبداً, بخاصةٍ في ظلً ما تشهده دول ألمنطقة من هزات إرتدادية خطيرة تبرز في الدعوات إلى ألتقسيم ,وإقامة الدويلات في سوريا وفي غيرها, وفي التهديدات ألتي تطلقها أبواقٌ مأجورة من مخلًفات العهود البائدة , وفي ألتصريحات ألتي تقول الشيءَ ونقيضَه بكل خفةٍ وعدم مسؤولية وإرتهان ,وفي غيرة ألعدو ألأسرائيلي ألمريبة وألمستفِزَة ,على بعض ألأقليات .

وهنا ألفتُ ألإنتباهَ الى أن كلً من يعرقل إعادةَ الدولة في لبنان إلى ممارسة دورِها الطبيعي في ألمحافظة على وحدة ألوطن وأراضيه وإعادةِ بناءِ مؤسساتِها وإداراتِها وممارسةِ سيادِتها بقواها ألشرعية,يشارك عن وعي ,أو عن تعصًب أو عن جهل في المخطًط الدولي  وألأقليمي لتفكيك دول ألمنطقة وتشظًيها إلى مجموعاتٍ متقاتلة, مما يساهم في تسهيل مشاريع ألعدو ألأسرائيلي ألتوسًعية,وفي وضع ألقوى ألكبرى يدَها على ثروات  منطقة شرقي ألمتوسط ,وقد بدأت مظاهرها بالبروز, منذ إتفاق الترسيم ألبحري بين " دولتي لبنان وإسرائيل ".

الحضور الكريم لا مجالَ للمنطقة وشعوبها إستعادةُ وحدة دولها ومواجهةُ تحدياتِ ألعصر, وألمؤآمرات ألمستمرًة ما لم تخرج من قرونها الوسطى.

أيها ألأصدقاء,

شكًل إنتخابُ رئيسٍ جديد للجمهورية وتشكيلُ ألحكومة ,فسحةَ أملٍ           سمحت لنا في الحركة الثقافية -أنطلياس وبتشجيعٍ منكم ومن ألمثقفين ومن أصدقاء ألكتاب ومن المؤمنين بلبنان واحةِ ألحرًية في هذا ألشرق ,سمحت لنا الأستمرارَ في تحدي ألظروف على مختلف ألصعُد ,وإقامةَ هذا المهرجان ألذي يشارك فيه معظم ألجامعات ألخاصة ألكبرى بإلإضافة إلى ألجامعة أللبنانية ,أمًا دور ألنشر فقد فاق عددها ألخمسين ,وبعضها يعرض لإكثر من ناشر, وهي كلُها لبنانية.

هذا بالإضافة إلى ألجناح ألمخصًص لقوى ألأمن الداخلي ,وقد أعتذرت ألمؤسسة ألعسكرية ولأول مرة عن ألمشاركة هذه ألسنة ,بسبب كثرة ألمهام ألتي تتولاها في هذه ألمرحلة الحساسة من تاريخ ألوطن.

وككلِ سنةٍ تخصًص ألحركة منَصًةَ "ألمنفردون "للمؤلفين ألناشرين لإصداراتهم وأتحنا لهم ألمجالَ لتوقيعِ مؤلفاتِهم في قاعة خاصة.

أمًا ألأنشطةُ ألمرافقة للمهرجان فهي مفصًلًة في ألبرنامج ألموجود على مدخل  ألمعرض ولكن سأختصرها بعناوينها:

  • تكريم أعلام ألثقافة من ألبارزين في ألمجالات كافة,والمرأة في يومها العالمي وألمعلًم في عيده .
  • تنظيم ندواتٍ عدة حول مختلفِ قضايا ألوطن وهموم ألمواطن ومشاكله هذا عدا  ألندوات ألتي ينظمًها بعض ألمشاركين من دور نشرٍ وجامعات لعددٍ كبير من إصداراتها.
  • وبمناسبة مئوية عملاق من عمالقة الكلمة وأللحن منصور ألرحباني وألأسم أكبر من ألألقاب تمً تخصيص قاعة لعرض بعضٍ من نتاجه ونتاجِ مدرسةِ ألرحابنة.

ويختتم ألمهرجان بندوة حول منصور ألرحباني وبعدها ألإستمتاع بأمسيةٍ فنًية من نتاجِه ومن نتاجِ الأخوين الرحباني بإدارة الممًيز أسامة الرحباني.

أيها ألصديقات وألأصدقاء,

تنقل موادُ ألندوات  كاملةً على موقعِنا على شبكة الأنترنت ,ولاحقاً على قناة ألحركة على يوتيوب .

 وتجدون ألبرنامجَ كاملاً على موقعِنا الألكتروني وعلى مدخلِ ألمعرض, مع مطوي  تواقيع ألكتب ألصادرة حديثاً.

وأشيرأيضاُ إلى أننا نوزًع مجًاناً  كتابَ المهرجان ويشمل نشاطات الدورة الحادية والأربعين (سنة 1924 ) ,والكتابَ ألسنوي ألذي يضًم نشاطات ألدورة ألحالية ,بالإضافة إلى كرًاس أعلام ألثقافة لهذا العام.

كما أننا نضع بين أيديكم ألاجزاء ألثمانية من موسوعة "أعلام ألثقافة "وهي أهم مرجعٍ لأكثر من ثلاثماية شخصية لعبت دوراً بارزاً في رفع إسم  لبنان على  ألصعد كافة ,   بسعرٍرمزي  يساهم في تغطية جزء من تكاليف طبعها.

أيها ألسيدات وألسادة ,

أكرًر شكرألحركة ألثقافية -أنطلياس لراعي المهرجان أللبناني للكتاب

فخامة رئيس الجمهورية جوزف عون وإلى معالي الوزراء ممثلًي فخامته ودولتي رئيس ألمجلس ألنيابي ورئيس مجلس ألوزراء, وإلى ممثلي ألمرجعيات ألدينية والنيابية والحكومية والعسكرية والأمنية والقضائية والبلدية والنقابية ولوسائل الإعلام وهيئات ألمجتمع ألمدني ودور ألنشر والجامعات وجميعِ العارضين.

      ووفد ألجامعة أللبنانية ألثقافية في ألعالم برئاسة ألسيد روجيه هاني.

    ونهنَىء ألرهبنة الأنطونية برئاسة قدس الأباتي جوزف بورعد  في   يوبيلها أل325ونجدَد الشكر لرئيس دير مار الياس أنطلياس رئيس الحركة ألثقافيةالأباتي أنطوان راجح لدعمه نشاطاتها كافة,

وتحية للزملاء في ألحركة ألثقافية وللموظفين كافة لجعل هذا المهرجان واقعاً.

 ولكم  جميعا أيها الصديقات والأصدقاء تقديرنا وشكرنا. 

وأخيراً ,نعتذر إذا حصلت بعض الهفوات في توزيع ألمقاعد ,فلكلٍ مكانته في قلوبنا ( وألمطرح ألضيًق بيساع ألف محب.)     

_________________________________________________

كلمة الأباتي أنطوان راجح في افتتاح مهرجان الكتاب 2025

بداية، وبعد أن أصبحَ لدينا رئيسٌ للجمهوريّةِيرعى الوطنَ، ومعه مهرجاننا بحسبِ تقليدِ الحركة الثّابتِ والعريق، أستعيدُ عبارة للمونسنيور ميشال حايك ردَّدها عشيّةَ انتخابِ البطريرك صفير. قال: "المهمُّ اليومَ هو الاقتراع، وغدًا الاختراع". إنّ في الاستشهادِ ما يُغني عن أيِّ إضافة، وفي سجلِّ السّلوكِ والصّدقِ في التعهّداتِوالخيارات، ما يُعزّزُ كلَّ أملٍ منشودٍ، وبعدْ....

على الرّغمِ من القفزات الهائلةِ في الابتكاراتِ التّكنولوجيّةِ، وظهورِ التّحوّلِ الرّقميِّ، ومفاجآتِ توليدِ مهاراتِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ المذهلةِ في إنشاءِ المحتويات، بكلِّ كفاءتِهِ وتَبِعاتِهِ وتحدّياتِهِ، تتمسّكُ الحركةُ الثّقافيّةُ في ديرِ مار الياس انطلياس، بتنظيمِ مهرجانِ الكتابِ السّنويّ،  فتتكرّسُ ساحةَ تلاقٍ، تكرّمُ فيها أعلامَ ثقافةٍ وإنتاجٍ في أكثرَ من مجالٍ واختصاصٍ، بلا تمييزٍ طائفيٍّ أو مذهبيٍّ، وتقيمُ النّدواتِ الحواريّةَ التي تعزّزُ تفوّقَ الوحدةِ على الصّراع، وتفتحُ منابرَها لترويجِ الكتبِ الجديدةِ، وصالاتِها، لشتّى أنواعِ الحواراتِ وتَشارُكِ الكلمة.فهْي تريدُ من مهرجانِها الثّاني والأربعين، التّوكيدَ على جُملةِ أمورٍ، أبرزُها ثلاثةٌ: أوّلًا، الكتابُ، وليس عفا عليه الزّمن.ثانيًا، أهميّةُ شعلةِ الوعيِ، والرّؤيةُ بكمٍّ وافرٍ من العيون، لإعادةِ التّفكيرِ في الفكر. وثالثًا، التّأكيدُ على سَعةِ  فسحاتِ التّلاقي، لوضعِ رقصاتٍ ومحفّزاتٍ حياتيّةٍ جديدةٍ وجديرةٍ.   

فصحيحٌ أوّلًا، أنّ  وسائلَ التّواصلِ والمواردِ المعلوماتيّةِ فتحت دروبًا جديدةً ومناجمَ غنيّةً، لها منافعُها الكثيرةُ، ولا شيءَ يمنعُ مشاركةَ الدّورِ الرقميّةِ في عرضِ مفاتيحِ كتبِها وبرامجِها، والتّرويجِ لها. إلّا أنّها لا تخلو من المحاذير، إذ منَ الصّعبِ أن يتمَّ التّدقيقُ بجَودَتِها، أو تنقيةُ الدّسِّ المُغرضِ في بياناتِها، وكمِّ التّلويثاتِ في بعضِ مُلصقاتِها.لذا، لن نحوّرَ في قول المتنبّي الّذي يبقى قولًا أكيدًا وصالحًا "خيرُ جليسٍ في الزّمانِ كتابُ"، لا هاتفٌ جوّالُ، وإن باتَ الجوّالُ في الواقعِ، رفيقًا ملازمًا. فلطالما مورِسَتْخبرةُ قراءةِ الأوراق، وهي ليست شيئًا عفا عليه الزّمن. يبقى أنّ الأهمَّ هو النّصوصُ المكتوبةُ كاملةً، ورقيًّا كانت أم الكترونيًّا،  لأنّها حيّةٌ وخصبةٌ، وأكثرُ اكتمالًا، تودي إلى نتائجَ فريدةٍ معَ كلِّ مؤلّفٍ وقارئ. إنّها الحياةُ الّتي تدركُ نفسَها عندما تصل إلى مِلءِ التّعبيرِ عن ذاتِها، فتلجأُ إلى مواردِ اللغةِ كلِّها، وتحفِّزُ الخيالَ والإبداعَ، مجيزةً للمؤلّفِ بأن يتعلّمَ التّعبيرَ عن قصصِهِ بطريقةٍ أبلغَ. وهْي تساعدُ القارئَ على اكتسابِ مزيدٍ منَ المفرداتِ والاغتناءِ بها،  وتُطوِّرُ جوانبَ مختلفةً من ذكائه، من دونِ أن تجيّرَ اختزالَه أو تجميعَه للآلةِ، بل تُحسِّنُ قدرتَهُ على التّركيز، وتُقلِّلُ من مستوياتِ الضّعفِ الإدراكيِّ، فتهدّئُ التّوتّرَ والقلق. فبقراءةِ النّصوصِ المكتملةِ، يصيرُ القارئُ آلافَ البشرِ، وفي الوقتِ نفسِهِ، يبقى هو. يرى بعددٍ لا يُحصى من العيونِ الصّافية، لكنّه هو دائمًا الّذي يرى. ذلك كما في الحبِّ والعملِ الأخلاقيِّ والمعرفة، فإنّ الإنسانَ يتجاوز نفسَهُ، ومعَ ذلك، يكونُ هو أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى.

 

ثانيًا- تعاندُ الحركةُ في الحفاظِ على"شعلةِ الوعيِ الجماعيِّ" متّقدةً، بعيدًا منَ الذّكرياتِ الفرديّةِ المقفوصةِ في المصالحِ والعواطفِ الخاصّةِ، من دونِ أيِّ ارتباطٍ حقيقيٍّ بالجماعةِ الوطنيّةِ،  ومنْ دونِ سذاجةِ الإقفالِ على التّناغمِ بينَ المحلّيِّ، والإقليميِّ، والعالميِّ. فنحن لسنا معزولينَ عنْ محيطِنا، ولا عن عالـمِنا وإنسانيّتِنا. صحيحٌ أنّنا، أمامَ السّياساتِ الكبرى، الملغومةِ والمضمَرةِ، قد نعاني تعبَ الرّوح، ومعهُ غيابَ الشّغفِ، كما لو كانَ منَ العبثِ أن نبحثَ عن معنًى لواقعٍ غيرِ مفهوم. ولذلك، قد تجذُبُنا، في هذا التّعبِ، حياةٌ سطحيّةٌ لا تطرحُ الكثيرَ منَ الأسئلة. وصحيحٌ أنّنا قدْ نملُكُ عقلانيّةً بدونِ روحٍ، نخاطرُ أن نقعَ فيها مجدّدًا، إذا اكتفينا  بالثّقافةِ التّكنوقراطيّةِ أوِ البيروقراطيّة. لذا، علينا أن نعيدَ التّفكيرَ في الفكرِ. فلا يمكنُ للفكرِ المنكمشِ والمنغلقِ أن يولِّدَ الإبداعَ والشّجاعةَ للتّعافي منَ التّبسيط. إنّ الواقعَ معقّدٌ، والتّحدّياتِ متنوّعةٌ، والتّاريخَ يسكنُهُ الجمالُ، ولكنّه، في الوقتِ نفسِهِ، مجروحٌ بالشرِّ، ولا يمكنُ تهوينُ مأساتِهِ. إنّ التّبسيطَ يشوِّهُ الواقعَ، ويولِّدُ أفكارًا عقيمةً وأحاديّةً، واستقطاباتٍ وتشرذماتٍ. فلا بدَّ من تخميرِ الفكرِ في أوسعِ مروحةٍ من أنواعِ المعرفة، لأنّ المعارفَ تشبهُ الحواسَّ في الجسدِ: لكلٍّ منها خصوصيَّتُهُ، لكنّ بعضَها بحاجةٍ إلى بعضٍ.

 

من هنا التّأكيدُ ثالثًا على فسحاتِ التّلاقي: إنّ حركتَنا مصمّمةٌ على أن تبقى مكانًا يكونُ الخميرةَ الوطنيّةَ، والملحَ والنّورَ، ويوسّعُ حدودَ المعرفةِ، ويخاطبُ الحياة. نريد أن نبقى رُوّادَ ثقافةِ الإدماجِ، والتّنبّهِ للآخرِ، لأنّ التّباعدَ بين شخصينِ أو جماعتينِ، هو نتيجةٌ لإساءةِ الفهمِ، وكما قال  الأب تونينو بيلو، "إنّ جميعَ الصّراعاتِ تجدُ جذورَها في تلاشي الوجوه".

 

وعليه، إنّ رسالةَ الحركةِ هي أن تُبقيَ حدودَها واسعةً، وفسحتَها مفتوحةً لكلِّ مواطنٍ. نريد أن نبقى روّادَ ثقافةِ الإدماجِ، والتّنبّهِ للآخرِ. هذا ما يستدعي توليدَ رقصاتٍ ومحفّزاتٍ جديدة: فلا يحتاجُ العالمُ إلى مكرِّرينَ ومردّدينَ، بل إلى مصمّمينَ، وإلى مترجمينَ جددٍ للمواردِ الّتي يحملُها الإنسانُ في باطنِهِ، وإلى شعراءَ  يروُونَ عطشَ أحلامِنا، لنخلقَ سماواتٍ جديدةً، وأرضًا جديدةً يُقيمُ فيها البرُّ، ويثبّتُ الواحدُ الآخرَ ويشجّعُهُ بتعبيرِ أغوسطينوس Volo ut sis  "أريدك أن تكونَ"، ونزيدُ عليها "أريدك أن تكونَ معي". أَلَا، فلنعبرْ معًا إلى الشّاطئ المقابل.

إنّ بلدَنا الّذي، للأسفِ، صُنّفَ منْ بينِ الدّولِ الأكثرِ معاناةً، ومنْ بينِ تلك الّتي باتَتْ تتسوّلُ وجودَها، أصبحَ بأمسِّ الحاجةِ إلى فسحةٍ حيويّةٍ تشملُ الحياةَ وتخاطبُها، وتشفي الحساسيّاتِ والآحاديّاتِ، وتعالجُ الصّممَ، لنفتحَ أذهانَنا على كلماتِ النّورِ، ولنرفعَ أعينَنا إلى العلى، غيرَ خائفينَ من أن تُمطرَ السّماءُ نارًا، فيشعرُ شبابُنا بالطّمأنينةِ، ويرجونَ منافذَ أكيدةً لأحلامِهم.

نجدُ في الكتابِ المقدّسِقصّة قصيرة يرويها سِفرُ الأخبار، بطلُها "يعبيص"، الّذي وجّهَ إلى اللهِ هذه الصّلاةَ: "لو أَنَّكَ تُبارِكُني وتُوَسِّعُ أَرْضِي". اسم يعبيص يعني "الألم"، وقد أُطلقَ عليه هذا الاسمُ لأنّ أمَّه تألّمت كثيرًا أثناءَ ولادتِه. لكنَ يعبيص لم يُرِدْ أن يبقى مُغلقًا في ألـمِه، ولا أن يجرَّ معه شكوى ولادتِه وطريقتَها. ولذا سألَ أن "يوسّعَ اللهُ حدودَ حياتِه"، لكي يدخلَ في فسحةٍ مباركةٍ، أكبرَ ومضيافةٍ.

فلنجترحِ اليومَ مدًى متجدّدًا لمجدِ لبنانَ الّذي ينتظرُ من يؤكّدُ له، كما قيل للمخلّعِ: "قمْ، احملْ سريرَك وامشِ، لقد شُفيتَ"، سرْ على دربِ التّعافي والنموِّ بريادةٍ كما يليقُ بك وبشعبِك. 

شكرًا لكم، ولنزرعْ جميعًا، كما تقول ملحمةُ غيلغامش، في كبدِ الأرض، أرضِ وطنِنا، محبّةًوولاء.

______________________________________________

 

 

 

كلمة الأمين العام

الأستاذ جورج أبي صالح

 

 

في افتتاح

المهرجان اللبناني للكتاب

في دورته الثانية والأربعين – 2025

 

الحركة الثقافية- أنطلياس

 

6 آذار 2025

 

 

أيّها السيّدات والسّادة،

 

إن الأنشطة التي تقيمها الحركة الثقافيّة - أنطلياس منذ نشأتها عام 1978،ولا سيّما المهرجان اللبناني للكتاب، هي ترجمة عملية لالتزام حركتنا بـإعلاء شأن الثقافة في وطننا وتنشيط الحياة الثقافيّة في هذه المنطقة العزيزة من لبنان، وفي هذا الصرح الروحي والوطني الكبير.

 أما التزامنا بالشأن الوطني العام، فهو لا يقلّ أهمّيةً أو ضرورةً، مع تكرار التأكيد أن حركتنا لا تتعاطى السياسة الحزبية أو الفئوية، ولا تتّخذ مواقف من قبيل الموالاةِ أو المعارضة لسلطةٍ قائمة، بل ترى واجباً ولزاماً عليها أن تجاهربمواقف جريئة إزاء أيّ انتهاك للقيم المعترَف بها عالمياً، والتي تبنّاها صراحةً دستورُ الدولة اللبنانيّة.

فليس من مهمّات منظّمات المجتمع المدني أن تنخرط في العمل السياسي المباشر، الذي هو من اختصاص الأحزاب الساعية الى تسلّم السلطة، وهو حقّها الطبيعي المشروع. أما الهيئات االثقافية، التي تندرج في فئة منظّمات المجتمع المدني، فدورها رفعُ الصوت، وتسليطُ الضوء، والتوعية والإرشاد، وشجبُ كلّ انحرافٍ عن معايير العمل السياسي السليم. وعليه، كلّما اقترب هذا التشكيل السياسي أو ذاك من الالتزام بمعاييرنا نحن، قولاً وفعلاً، يصبح هو في صفّنا.

 

أيّها الأصدقاء،

في هذا السياق، تحرص حركتنا على أن توجّه للرأي العام عبر هذه التظاهرة السنوية بضع رسائل ثقافية ووطنية، أهمّها:

أولاً، في شأن الكتاب: إن الكتاب، على الرغم من تطوّر تكنولوجيات التواصل الحديثة وبروز خدمات الذكاء الإصطناعي، يبقى من أجدى الوسائل التعليمية والتثقيفيّة وأعمقها تأثيراً. فالقطاع الرقمي لا يُلغي القطاع الورقي، فهُما يتكاملان ولا يتعارضان. وفي هذا المجال، يهمّنا التشديد على ضرورة تشجيع المطالعة لدى الناشئة وعلى أهميّة انتشار المكتبات الأهلية وتعزيزها في المدن والقرى اللبنانيّة، بالتعاون بين وزارات الثقافة والتربية والإعلام وبين السلطات والجمعيّات المحلّية والمختصّة.

 

ثانياً، في الشأن التربوي: نحن على يقين من أن كسب رهان المستقبل، بالنسبة الى أجيالنا الشابّة، يتوقّف على القطاع التعليمي بمؤسّساته كافةً. لذا نرى أن المطلوب، بإلحاح، هو العمل الجَدّي على تحديثِمناهج التعليم العام والمهني، وتطويرِ الكتاب المدرسي وطرائق التعليم، والمختبراتِ والإمتحانات، وإعدادِ المعلّمين وتدريبِهم، وتوفيرِ شروط البناء المدرسي الملائم، وعلى الربطِ التفاعلي بين مُخرَجات نظام التعليم ومُدخَلات أو متطلّبات سوق العمل المحلّية والإقليميّة. فلبنان بحاجة ماسّة الى ورشةٍ كبرى ليس فقط لإعادة هيكلة بُناه التحتيّة الماديّة، إنما أيضاً وبخاصة لإعادة هيكلة بُناه الفوقية، كمنهجيّة التفكير، والأنماط السلوكيّة لدى الأفراد والجماعات الخ... ومن محاور هذه الورشة، التنشئةُ المدنية والوطنية الرامية الى تعزيز مفهوم المواطنةِ، على مستوى الفرد، ومفهوم دولةِ القانون، على مستوى المجتمع.  

 

أما في ما يخصّ الجامعة اللبنانية، فلعلّ الأوان قد آن لتبنّي اقتراح تفسيمها الى جامعات مستقلّة في خمس محافظات ومنح كلٍّ منها قدراً من الاستقلالية المالية والإدارية بدلاً من التمادي في الترخيص الإعتباطي لجامعات أو كلّيات تكون في الغالب خفيضة الإعتبار والمستوى. فقد تكون استقلالية الجامعات اللبنانية الخمس هذه، ضمن سياق اعتماد اللامركزية الموعود، كفيلةً بأن تخلق تنافسيّةً إيجابيّة داخل هذا الصرح الجامعي الوطني وبينه وبين الجامعات الخاصة لصالح جودة التعليم العالي في لبنان.

 

ثالثاً، في الشأن الوطني العام: تُشاطر حركتُنا اللبنانيّين تطلّعهم إلى استئناف الحوار الموضوعي والمسؤول برئاسة فخامة رئيس الجمهورية حول أمّهات القضايا الوطنيّة، وفي طليعتهاالاتفاق على الإستراتيجية الأمنية والدفاعية وعلى معالجة معضلة النازحين السوريّينومشكلة اللاجئين الفلسطينيّين. وثمّة إجماع لدى الناس بأنَّ لا مصلحة للبنان في أن يبقى ساحةً لصراع الآخرين على أرضه، وبأن الدولة السيّدة والقادرة هي ملاذهم الأوحد والأجدى. ومن مسلّمات السيادة، وفق القانون الدولي، أن تحتكر الدولة الحقَّ الحصري بإصدارِ العملة الوطنيّة صوناً للإستقرار النقدي، والحقَّ الحصري في حيازةِ السلاح دفاعاً عن حدودِ الوطن وحفاظاً على استقراره الأمني... تلك هي القاعدة، وكلُّ ما عداها شواذ.

 

ومن البديهي، بعد السنوات الطويلة العجاف التي عاشها اللبنانيّون أن تكون التَرِكة التي ورثها العهد والحكومة الجديدان ثقيلةً، وحجمُ المسؤوليات المُلقاة على عاتقهما جسيماً. لذا، ندعو جميع القوى الحيّة في مجتمعنا الى منح فخامة الرئيس جوزاف عون ودولة الرئيس نواف سلام الدعم المفروض لتمكينهما ، مع الفريق الحكومي،من إخراج البلاد من مآزقها المتراكمة ومفاعيلها السلبيّة المتعاظمة على مختلف الصُعد الإجتماعية والاقتصادية والمالية. لن أسترسل في تعداد الملفّات، وقد باتت معروفة من الجميع ومردَّدة على لسان الرئيسَيْن بالذات، لكننا نشدّد على ثلاث نقاط حيويّة:

النقطةالأولى، هي إلحاحيّة تطبيق القرار الأممي رقم 1701 بكامل مندرجاته، ثمّ حلّ معضلة حدودنا الجنوبيّة مع العدو الإسرائيلي، وتثبيت الالتزام باتفاقية الهدنة في انتظار السلام العادل والشامل في إطار التوافق والتضامن العربيَّين.

 

والنقطة الثانية، هي وجوب إلغاء المجلس الأعلى اللبناني- السوريلعدم الحاجة اليه بوجود التمثيل الديبلوماسي بين البلدين، وتالياً ضرورة مراجعة مجمل الاتفاقات والبروتوكولات اللبنانية- السورية التي تمّ توقيعها بالإكراه في ظلّ النظام السوري السابق. وفي هذا المجال، نذكّر بأن حركتنا عقدت في تشرين الثاني من العام 2000 مؤتمراً استضافت فيه خبراء من مختلف الاختصاصات تدارسوا كلّ هذه الاتفاقات وأبدوا ملاحظات عليها، بإيجابيّاتها وسلبيّاتها. وإننا نضع أعمال هذا المؤتمر المنشورة في كتاب خاص، مع نصوص الاتفاقات كاملةً، بتصرّف رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات الراغبة في الاهتمام بهذا الموضوع لمعالجة الثغرات والاختلالات القائمة، سعياً الى أفضل العلاقات وأسلمها مع أقرب أشقائنا العرب. وفي هذا السياق، نرى أن الظرف مؤاتٍ لحسم مسألتَيْ ترسيم الحدود الشمالية والشرقية مع الدولة السورية، واستطراداً لحسم إشكاليّة جنسيّة مزارع شبعا.

 

 أما النقطة الثالثة، فهي عدم التهاون في حقّ استعادة ودائع اللبنانيّين، مقيمين ومغتربين، لدى المصارف بشكلٍ عادل وفي فترة معقولة ومقبولة. فالمماطلة في البتّ بمصير مدّخرات اللبنانيّين تُفضي الى مزيد من الظلم والخسائر لدى كل الفئات الاجتماعية-المهنية، وعلى الأخصّ ذوي الدخل المتوسط والمتقاعدين من القطاعين العام والخاص. كما تؤول هذه المماطلة المتمادية الى فقدانٍ نهائي للثقة بالقطاع المصرفي اللبناني وبالسلطة القضائية على السواء، ما يشكّل الخسارةَ الأفدح التي يبدو أن المصارف قلّما تعي خطورة مضاعفاتها السلبيّة عليها هي بالذات، وعلى اقتصادنا الوطني ومستقبل لبنان واللبنانيّين.

على العموم، ثمّة ملفّات وازنة وشائكة على صعيد الركائز الخمس للدولة: النقد الوطني، الأمن الداخلي، السِلم الخارجي، الإدارة العامة، والقضاء. وثمّة عمل كبير، وكبير جداً في مختلف هذه الملفّات، جرّاء تراكم التقاعس والاستهتار بقضايا الوطن والمواطن، والتلهّي بالمناكفات الشخصانيّة الطابع.

 

معالي الوزراء،

   أنتم اليوم محطّ آمال اللبنانيّين جميعاً، وقد استقبل الرأي العام تعيينكم بإيجابيّة لافتة ومبرّرة، لتميُّز هذه التشكيلة الوزارية بالسيرة الذاتية والكفاءة العلميّة، وهو يتوقَّع أن يكون أداؤكم في الحكم على قدر الآمال المعلّقة عليكم.

            أما معالي وزير الثقافة، الدكتور غسان سلامة، فنقول له استناداً الى تجربته السابقة على رأس هذه الوزارة: تعلمون يا معالي الوزير أنكم دوماً موضع ترحيبٍ وتقديرعندنا، اًيّاً تكن صفتكم، فأنتم مفخرة وطنية، ونحن ندعو لكم بالتوفيق ثانيةً في تولّي هذه الوزارة كما في المشاركة في صنع قرارات السياسة الخارجية، على أمل أن يستفيد الوطن بقدر مُرضٍ من كفاءتكم وخبرتكم ومن شبكة علاقاتكم العربية والدولية.

 

أيّها السيّدات والسادة،

مع اندلاع حرب العام 1975، أعلنت الحركة الثقافية-أنطلياس جهاراً رفضَها كلّ الطروحات الفئوية والتقسيميّة رافعةً لواء " الدولة الواحدة، القادرة والعادلة " لا الدويلات المبعثرة، وشعار" دولة القانون والمؤسّسات" لا تسلّط الميليشيات. وها نحن اليوم، بعد نصف قرنٍ من اندلاع تلك الحرب المشؤومة التي تولّدت عنها حروب أخرى، بحيث دفعنا مزيداً من الأثمان الباهظة بشراً وحجراً، ومن التخلّف عن مواكبة العصر، وفقدان أهم المزايا التفاضليّة لوطننا وشعبنا، وهجرة مئات الألوف من ذوي الكفايات والمهارات من شبابنا جرّاء اليأس من الآفاق المسدودة أمامهم في وطنهم، نجد أن بعضنا ما زال يفتّش عن ضالته من غير اهتداء!

 

فالتفرّد في شنّ "معركة طوفان الأقصى"، ثمّ التفرّد في شنّ معركة إسنادها، بهدف تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، تسبّبا للأسف الشديد بعودة هذا الاحتلال الى قسمٍ من أراضي فلسطين وسورية ولبنان!

لقد كانت الحرب الأخيرة من أفظع النكبات التي حلّت بشعبنا وبوطننا. فهل سنسمح بتكرار هذه التجربة الأليمة، أم أننا اكتفينا اكتواءً بنارِ مثلِ هذه المحن؟ وهل سنُحسن ملاقاة التحوّلات الدولية والإقليمية الجذرية في منتصف الطريق والإفادة منها؟

كفانا شططاً، أيّها الناس، وتعالوا نهتدي بالكتاب... فماذا يقول الكتاب؟

مقولته الأولى، أنه هو ناظمُ حياةِ الأمم. فلنَعُد الى دستورنا إذاً، الى مواثيقنا الوطنية، والى قوانينا وأنظمتنا، فنطبّق ما صلُح منها، ونعدّل ما يقتضي تعديله. والمقولة الثانية، أن ندَع الكلمة تصيرُ جسداً... أيُعقل أن يتعذّر علينا الحوارُ العقلاني المباشر ونحن أبناءُ وطنٍ واحد، فيما يكون هذا الحوار ميسوراً وميسّراً ، ولو بالواسطة، بين بعضنا وعدوّنا الأوحد !؟

حاصلُ الكلام، أيّها اللبنانيّون، تعالَوا الى كلمةٍ سواء. ألقوا كلَّ أنواع الأسلحة، واحملوا كتاباً... وشكراً لكم.

الأمين العام

جورج أبي صالح

_________________________

كلمة ممثل فخامة رئيس الجمهورية

الوزير غسان سلامة 

لقد شرفني فخامة الرئيس بأن امثله وارسلني إلى ملتقى عمره 42 عاما قدم فيها الكثير للثقافة في هذا البلد،كما أشكره لعودة اللقاء  بعد أكثر من عقدين من الغياب والغربة مع وجوه اليفة صديقة صدوقة أحن اليها منذ زمن طويل كما أشكره على جعلي التقي بزملاء لي في جو أكثر دافئا من قاعة مجلس الوزراء.

 

 

أضاف: اتكلم اليوم باسمي الشخصي لقد تم انتخاب فخامة الرئيس  وتم تأليف هذه الحكومة التي اتشرف بعضويتها في زمن نحن ننظر إليه  بقدر كبير من الواقعية،نحن في زمن أصبح فيه القانون الدولي يداس بالأقدام من قبل الدول الكبرى ،نحن في زمن تقوم دولة كبرى بالإعتداء على جارتها وتحتل جزءا منها،نحن في زمن يقوم رئيس دولة كبرى أخرى بفرض عقوبات على محكمة جنائية دولية تجرأت ولاحقت رئيس وزراء دولة إلى جنوب بلدنا  أو رئيس دولة إلى شمالها ،نحن في زمن نطالب فيه بتنفيذ قرار دولي  صادر عن مجلس الأمن هو حاليا في حال من الشلل الأكيد ،الفيتويات فيه متقابلة وانتاجيته تقارب الصفر ،نحن في زمن لا يهتم فيه كبار قادة هذا العالم بالقانون الدولي وبالمنظمات الدولية ."

وتابع :"اما اذا نظرت الى منطقتنا من العالم  فالصورة ليست أفضل بكثير ،لم تتوقف الحرب على لبنان حتى اليوم  ،هناك أسرى لبنانيون  في إسرائيل،هناك خمس تلال تم احتلالها  والتمركز  فيها  من قبل الجيش الإسرائيلي،هناك هجمات شبه يومية شمالي الليطاني كما جنوبه  ،اقول هذا لأكرر  بأن الحرب لم تنته  على الرغم من تفاهمات 27  نوفمبر الماضي التي تم تمديدها والتي يتم حتى الساعة  خرقها بصورة شبه يومية  لذلك علينا أن نكون واعين  متنبهين  إلى الحال الحقيقية التي نحن فيها ، ثانيا نحن في بلد تم تدمير جزء كبير منه  تتفاوت التقديرات حول تكلفة إعادة الإعمار ولكن مطالبتنا  بإعادة الإعمار أو مساعدتنا على إعادة الإعمار لا سيما من أشقائنا العرب تمر بمرحلة صعبة لسبب بسيط  وهو أن جزءا كبيرا من المشرق العربي  هو في حالة دمار ،أن كانت تكاليف إعادة إعمار لبنان تتجاوز 12 أو 13 مليار دولار ، فأن تكاليف إعادة بناء قطاع غزة تتجاوز في أقل التقديرات 60 إلى 70 مليار دولار،أما إذا ذهبنا شرقا إلى سوريا فإن الدمار  الذي يشبه دمار غزة في غير مدينة مثل حمص أو معرة النعمان  أو غيرها من المدن يفوق في الأرجح ال 140 مليار دولار، لذلك عندما نطالب  الأشقاء العرب بعوننا على إعادة الإعمار  علينا وبواقعية أن  نعرف اننا في حال تنافس مع أشقائنا الأقرب وبالتالي علينا أن نثبت احقيتنا وافضليتنا  بإعادة الإعمار  وبمساعدتنا بوسائل وحجج  أخرى وبسرعة  وهذا هو الامر الذي يعيشه كبار المسؤولين في هذا البلد.

وأردف سلامة :"وأن ركزت على هذه المنطقة لوجدت أيضا  أن القانون لا يسري عليها بل أن القانون الدولي قد تحول في خطاب كبار القوم المسؤولين عن النظام العالمي إلى مغامرات عقارية وكأن هذه المنطقة مهمة لعقاراتها  وليس للذين يسكنون فيها،لذلك فإن الواقعية ضرورية ولكن أهم منها هي تحديد هدف السلطة التي نشأت في مطلع هذا العام وأن سمح لي بأن الخصها لقلت بأن أهم شيء تسعى إليه حكومتنا  ورئيس جمهوريتنا  هو تأمين المناعة الداخلية الضرورية  لمواجهة منطقة لم تتوقف الحرب فيها  وعالم  يخرج على امرة القانون  وعلى وقع الاعراف الدولية المعروفة،وبالتالي كيف تبنى تلك المناعة لكي لا تتحول هذه التحولات الخارجية إلى نزاعات وخلافات وانتكاسات داخلية ،والجواب أنها تكون بعدد من الامور  التي تسعى الحكومة  أن تعمل عليها وهي تعلم مسبقا أنها ستتمكن من بعضها ،وستكتفي بالمباشرة  في بعضها الآخر وستخطط فقط لبعضها الثالث لان مدة صلاحيتها لا تزيد على 15 شهرا لكنها عازمة على أن تعمل قدر استطاعتها على تجسيد هذه المناعة الداخلية  ،فكيف سيكون ذلك؟ يكون ذلك بتحديد الأهداف العملية الضرورية ،الأول والأهم استعادة الثقة العالمية بهذا البلد  ،هذه الثقة تقوم  بتمسكنا  رغم  تخلي الآخرين بالقانون الدولي والقرارات الدولية، وتقوم أيضا لا بترجي أو تمني الاصلاح  بل بالمباشرة به وهو إصلاح يمس القواعد الأساسية لحياتنا العامة ،يمس القضاء أولا  فلا استثمار خارجي ولا شعور بالعدالة بين المواطنين   ولا شعور بالأمن  من دون قضاء مستقل ونزيه ،وتعمل أيضا على إصلاح النظام المصرفي لانه عامود أساسي في اقتصادنا  واكاد اكون متواضعا في كلامي فاكتفي بالقول انه تم التلاعب به وعلينا أن نعيد بناءه بأي ثمن لان ليس هناك من عودة للنمو  والإقتصاد بدون قطاع مصرفي ناشط يوحي بالثقة  للمواطن في الداخل والمستثمرين في الخارج ،وعلينا أيضا  أن نعمل  لان يكون هناك سقف فوق كل رأس مما يعني المباشرة بإعادة الإعمار حيث حصل الهدم رغم استمرار الإخطار على بلادنا وعلى حدودنا وارضنا، ويقتضي ايضا منا أن نخرج من نزاعاتنا ونفهم تماما  إلا مستقبل  لنا خارج دولتنا،لقد تعودنا بأن نلد في مشفى خاص وأن نتعلم في مدرسة خاصة ونذهب إلى جامعة خاصة ونتمسك بالإقتصاد الحر الذي لا دور للدولة فيه  كل هذا أعطى هذا البلد مناعة في ظروف التأميمات الفاشلة التي جرت في محيطنا ولكننا بالغنا في إدارة الظهر لمسألة بناء دولتنا، بالغنا وعلينا اليوم إعادة بناء هذه الدولة،لذلك أن قرأتم البيان الوزاري  فإنكم ستجدون كلمة الدولة تتردد 22مرة فيها  وهذا ليس من باب الصدفة،هذا لأننا كمجموعة اتشرف أن انتمي إليها واعية لضرورة  التوازن بين الحريات وكل ماهو خاص ويجب المحافظة عليه واحترامه وبين منطق الدولة  الضرورية  لان تسيب الدولة أو تهميشها يؤدي عمليا إلى عريان المواطن ،وبالتالي فإن هذه الحكومة رغم عمرها المحدود  ستسعى بالذات لإعادة بناء أسس دولة مستقلة عزيزة تدافع عن ارضها وتدافع أيضا  عن استقلال قرارها عن أي طرف خارجي ،

و ختم :"بالتالي نحن واقعيين  ولكننا أيضا عاملون متضامنون  مصرون  على إنجاز ما يمكن إنجازه لان التاريخ أحيانا يسير  بخطى وئيدة ، وفي أحيان أخرى  أن انتشى بعاطفة  الحب  للوطن فإن بإمكانه أن يسير بخطى سريعة تفوق توقعات الكثيرين ".

_____________________________________

حفل افتتاح المهرجان اللبناني للكتاب في الحركة الثقافية- أنطلياس

6 آذار 2025

تقديم : د. الياس كسّاب

----

نستهل هذا الاحتفال ، بالنشيد الوطني اللبناني.........

 

حضرة السادة:

  • ممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون ، معالي وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة
  • ممثل دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ، سعادة النائب .............
  • ممثل دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام معالي الوزير ............،
  •  
  • ممثل غبطة أبينا البطريرك ، نيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ، .............،
  •  
  • معالي وزير المهجرين ووزير دولة لشؤون التكنولوجيا ، الدكتور كمال شحادة
  •  
  •  Son excellence le nonce apostolique Monseigneur Paolo Borgia
  •  
  • سيادة المطران طوني بو نجم راعي أبرشية أنطلياس المارونية وسيادة المطران سمير نصار / وأصحاب السيادة المطارنة
  •  
  • رئيس عام الرهبنة الانطونية قدس ألأباتي جوزف أبي رعد
  •  
  • أصحاب السعادة النواب وأصحاب المعالي الوزراء، الحاليين والسابقين، وأصحاب المقامات الدينية والروحية،
  •  
  • ممثل معالي وزير الداخلية العميد أحمد الحجار ، سعادة قائمقام المتن السيدة مارلين الحداد
  •  
  • الأستاذ روجيه هاني الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم مع  رفاقه من مسؤولي الجامعة ، الذين حضروا خصّيصاً من دول الانتشار لمشاركتنا هذا الافتتاح كما أنشطة المهرجان.
  •  
  • رئيس بلدية أنطلياس– النقاش الأستاذ أيلي أبو جوده ، ومخاتيرها،
  •  
  • ممثلي القيادات العسكرية والأمنية،
  •  
  • ممثلي السلك الدبلوماسي والقنصلي،
  •  
  • رؤساء وممثلي السلطات القضائية والمؤسّسات الأكاديمية، والمجالس البلدية والاختيارية، والهيئات الحزبية والاقتصادية والإجتماعية والنقابية والثقافية،
  •  
  • ممثلي وسائل الاعلام كافة.

 

 

 

 

يطيب لي أن أحييّكم شاكراً حضوركم هذا الاحتفال، وراجياً أن تتكرّموا باعتبار هذا الترحيب الاستهلالي والتفصيلي في بداية لقائنا ، صادراً باسمي وباسم سائر زملائي أعضاء الحركة الذين سيتناوبون على الكلام في هذا الافتتاح ، كما نعتذر سلفاً عن أيّ خطأ أو تقصير غير مقصود. فكلّكم ، سواء بصفتكم الشخصية أم بصفتكم التمثيلية، أعزّاء وأصدقاء، شرّفتم الحركة وهذا الصرح ... لكم منّا أسمى آيات المودّة والإحترام والتقدير، وبكم جميعاً أجمل ترحيب.

 

أهلاً بكم في رحاب الحركة الثقافية - أنطلياس في هذه الامسية النيّرة ، حيث الفرحة عامرة بوجودكم ومكتملة هذا العام بعودة رعاية رأس الدولة ورمزها الوطني، فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية لهذا المهرجان، بعد سنتين من الإنقطاع بسبب خلوّ سدّة الرئاسة الأولى .

 

لقد ولّد انتخاب فخامة العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية ارتياحاً عارماً في نفوس اللبنانيّين، مقيمين ومغتربين، وأعاد إليهم الأمل ، خصوصاً بعد تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام من شخصيّات ذات كفايات مميّزة ومؤهّلات واعدة، بعودة الانتظام التام الى عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، على رجاء أن تشهد البلادُ تعافياً من أزماتها المتمادية والمتراكمة، وأن تتحقّق تطلّعات اللبنانيّات واللبنانيّين، الى مستقبل أفضل.

أهلاً بكم في المكان الذي يجمع الكتاب بقرّائه والثقافةَ بأهلها ومحبّيها، لنفتتحَ سوياً المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الثانية والأربعين.

يستمرّ المهرجان بفعاليّاته الغنيّة والمتنوّعة على مدى أحد عشر يوماً، ليُختتم في السادس عشر من آذار الجاري بلقاء يجمع الفكر والفن الأصيل، وذلك ضمن اطار مئوية مولد منصور الرحباني، أحد كبار شعرائنا وفنّانينا، وأحد أبرز وجوه تراثنا اللبناني الأصيل.

 

إن هذا المهرجان السنوي الذي يزداد نجاحاً وزخماً وتجدّداً من سنة الى أخرى ، بات تظاهرة ثقافية وطنية بامتياز، وحدثاً هاماً ينتظره اللبنانيون ، في الوطن وبلدان الانتشار، فيتابعونه ويرتادونه من مختلف المناطق اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مروراً بالساحل والجبل، رغم تمركزه الجغرافي في انطلياس العزيزة ، وذلك لما يتضمّنه من أنشطة مفيدة ومثيرة للاهتمام تواكب معرض ترويج الكتاب. ومن البديهيّ أن استمراريّة المهرجان وتطوره طوال أكثر من أربعة عقود،  يشكّلان تعبيراً ملموساً وصادقاً عن ثقة العارض واهتمام الزائر على السواء ، وذلك موضع سعادتنا واعتزازنا.

 

  • أولى كلمات هذا الإفتتاح  هي لأمين معرض الكتاب الزميل الأستاذ منير سلامة.

 

 

  • كلمة من القلب ، لرئيس دير مار الياس والحركة الثقافية – أنطلياس ، قدس الأباتي الدكتور أنطوان راجح .

 

 

  • أيها الحضور الكريم ،

نرحب بكم مجدداً  في هذا الصرح الثقافي ، كما يسرّنا أن نرحب بالمشاركين معنا من خارج القاعة وبخاصة من خارج لبنان ومن دول الأنتشار القريبة والبعيدة ، وذلك عبر تقنيات البثّ المباشر على صفحات الحركة الثقافية الخاصة، وقد علمنا منذ قليل ان عدد المتابعين الآن كبير ، فلهم منا كل الشكر والمودة والتقدير.

كلمة الحركة الثقافية – انطلياس ، يلقيها أمينها العام الاستاذ جورج أبي صالح.

 

 

  • الكلمة الأخيرة ، هي لممثّل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون ، معالي وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة...

 

نشكر معالي الوزير الصديق على كلمته القيّمة والمشجّعة. وإننا، إذ ننتمنّى له التوفيق والنجاح في مهامه، ندعوه الى أن يتقدّم سائر الرسميّين والضيوف الكرام في التوجّه نحو  القاعة الكبرى لقصّ شريط افتتاح المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الثانية والأربعين.

 

 

وشكراً لكم....