الحركة الثقافية – انطلياس

المؤتمر الصحفي الذي عقده أمين الإعلام في

الحركة الثقافية – انطلياس الدكتور عصام خليفة

بمناسبة افتتاح المهرجان اللبناني للكتاب - الدورة 34 (7-22 آذار 2015)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

        أيها الإعلاميون،

        رغم مرور 284 يوماً على عدم قيام مجلس النواب بانتخاب رئيس للجمهورية، كما ينص الدستور، والمعروف ان مهرجاننا يتم منذ 33 سنة برعاية رئيس الجمهورية،

        ورغم كل الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية التي يمر بها الوطن، لا بل بمواجهة كل هذه الظروف، تؤكد حركتنا على تنظيم المهرجان اللبناني للكتاب ما بين 7 و 22 آذار.

أولاً: الثقافة في مواجهة العنف:

        في مواجهة نظام الحرب الذي كان يهدد وجود الشعب اللبناني قامت الحركة الثقافية – انطلياس، وكان المهرجان اللبناني للكتاب احد الوسائل ليس فقط لمواجهة ذاك التحدي، وانما خاصة من اجل قيام مجتمع المعرفة. فحركتنا تعتبر ان المعرفة هي عماد التنمية. وان التنمية الإنسانية هي تنمية الناس، ومن اجل الناس، ومن قبل الناس. والمهرجان اللبناني للكتاب، منذ انطلاقته، كان يهدف الى استيعاب المعرفة واكتسابها ونشرها. والكتاب وتسويقه كان احد المحاور الأساسية للمهرجان، ولكن كان هناك مروحة واسعة من النشاطات المرافقة (كالندوات التي تتناول قضايا شعبنا، وتكريم اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، وتوقيع المؤلفين لإصداراتهم الجديدة، والتوقف عند الكبار الذين خدموا مختلف حقول الثقافة ورحلوا خلال العام، وإصدار المنشورات التي تتضمن حصاد العام الذي مضى (الكتاب السنوي، وكتاب المهرجان) وملف اعلام الثقافة اضافة الى موسوعة اعلام الثقافة التي تقوم الحركة بإعادة طبعها بحلة أنيقة.

        ان اكتساب المعرفة، لاسيما في هذه الأيام المصيرية ليس فقط في لبنان وانما على امتداد عالمنا العربي الأوسع، له قيمة كبرى وهو وسيلة مهمة لبناء قدرة الانسان. ان المعرفة لا تحسّن فقط في انتاجية الرأسمال البشري او تعزيز انتاجية المجتمع، بل هي تشكل احد ابرز الوسائل لمكافحة التعصب والارهاب التي تهدد شعوبنا في المرحلة الراهنة، والمعرفة ايضاً هي التي تحصن شعوبنا بقيم الحرية. والتنمية، بدون انسان حر سليم ومتعلم ومثقف لا معنى لها، فهذا الانسان هو مضمون التنمية وهدفها.

        ان ما جرى في وطننا لبنان خلال ايام الحروب العبثية، وما يجري الآن في سوريا والعراق وليبيا واليمن وربما غيرها، من حروب مدمّرة، ومن تهجير وقتل لمعالم الحضارة (احراق المكتبات والمخطوطات وهدم المدارس والجامعات والكنائس والمساجد واتلاف محتويات المتاحف، في الموصل مؤخراً)، وان ما برز في السنوات الاخيرة من دعوات باسم الاسلام تدعو لاحياء الدولة الاسلامية، وما رافق ذلك من ابادة مجموعات بشرية واقتلاعها عن ارضها، كل ذلك يناقض جوهر الدين الحنيف. ألم يشدد القرآن الكريم انه "لا اكراه في الدين" (البقرة، 256) وانه "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون، 6)، الم يؤكد الخليفة عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً". الم يكن احترام مشاعر المخالفين في الدين من خلق المسلم، فلا يجوز لاحد ان يسخر من معتقدات غيره، ولا ان يستعدي المجتمع عليه: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زيّنا لكل امة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم" (الانعام، 108). وفي الآية 47 من سورة المائدة: "وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه".

لا بل من حق كل فرد ومن واجبه ان يعلن رفضه للظلم وانكاره له وان يقاومه دون تهيب من مواجهة سلطة متعسفة، او حاكم جائر، او نظام طاغٍ... وهذا افضل انواع الجهاد: سئل رسول الله (صلعم): أي الجهاد افضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر".

        في هذا السياق ننظم المهرجان اللبناني للكتاب في دورته 34، يقينا منا ان العنف الارهابي المتفجر يظل بعيداً كل البعد عن الحيوية المنتجة والمنمية. انه عنف مدمر اساساً للانسان والعمران معاً، وهو على النقيض من انماء الطاقات الحية وحسن توظيفها في صناعة كيان ومستقبل.

        من خلال مفهومنا للمهرجان اللبناني للكتاب، لا بل من خلال ممارستنا للعمل الثقافي تناضل حركتنا:

-       من اجل صيانة الحرية بما يضمن توسيع خيارات الناس.

-       تسعى لقيام المؤسسات التي تعمل بشفافية وكفاءَة كاملة وتخضع للمساءًلة الفعالة.

-       احترام حقوق الانسان وتكريس البنية القانونية الحامية لها.

-       اعلاء شعار تطبيق القانون، يسهر عليه قضاء كفء نزيه ومستقل.

    وفي هذه المرحلة التي تصاغ فيها خرائط جديدة للمنطقة تدافع حركتنا عن استقلال ووحدة وسيادة الدولة اللبنانية في مواجهة كل انواع الاطماع والمخططات. من هنا استنكارنا وشجبنا لموقف كل المعرقلين انتخاب رئيس جديد للجمهورية بشكل فوري كما ينص الدستور، وتحذيرنا من ان مثل هذا السلوك هو بمثابة خيانة عظمى، ومدخل لانهيار الدولة والمجتمع والاقتصاد وهو امر يقوض وجود لبنان الوطن الذي كافح لقيامه اجيال من القادة والاحزاب، لا بل هو خيانة لجوهر المشاعر الوطنية للشعب اللبناني.

ثانياً: محاور المهرجان اللبناني للكتاب:

يتضمن المهرجان، اضافة الى عرض الكتب باللغات العربية والفرنسية والانكليزية من قبل 76 دار نشر، باسعار مخفضة، المحاور التالية:

1-تكريم الرعيل 30 من اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، ويكرس لكل منهم يوماً من ايام المهرجان واعلامنا لهذا العام هم:

2-   النشاطات الصباحية للتلامذة والطلاب

بهدف نشر المعرفة في صفوف الشبيبة حرصت حركتنا على تنظيم ندوات طوال قبل ظهر أيام المهرجان للتلامذة والطلاب على النحو التالي:

هكذا يكون هناك 13 نشاطاً صباحاً

3-   الندوات اليومية:

تتناول هذه الندوات مواضيع تتصل بهموم شعبنا في هذه المرحلة، مرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى وما رافقها من مجاعة ومآسي للأرمن والسريان وغيرهم، قضايا المواطنة، الحرية والديمقراطية، الصراع في سوريا، العنف والدين، مناقشة كتب جديدة متنوعة، التربية على الصحة وغيرها.

هكذا يكون هناك 13 ندوة الساعة 4.30 يساهم فيها 37 مشاركاً، وفي الساعة 6.30 هناك 16 نشاطاً يساهم فيها 58 مشاركاً.

ويكون المجموع العام للمشاركين 121، وعدد النشاطات 41، بينها 16 ندوة حول كتب صادرة حديثاً.

4-تحية، في يوم المرأة العالمي،الى امرأة لبنانية ناضلت دفاعاً عن قضاياً الانسان عموماً وقضايا المرأة خصوصاً في مجتمعنا، وقد اخترنا هذا العام المحامية صونيا عطية لنكرمها الساعة 6.30 من مساء الأحد 8 آذار، يقدمها الرئيس د. انطوان خير إدارة المحامية حياة هاشم.

5-   يوم المعلّم: يوم الاثنين 9 آذار الساعة 6.30 تكرم حركتنا في يوم المعلم كلاً من الأستاذة مرسال زكريا تقدمها الاستاذة غادة قوسطانيان،

    والاستاذ فؤاد الخطيب تقدمه الاستاذة نوال صعيبي، ادارة الاستاذ منير سلامة.

6-تواقيع الكتب: يوقع المؤلفون جديد انتاجهم اما على منصة الحركة، او امام دور النشر، وذلك خلال اغلب ايام المهرجان. وبرنامج التواقيع هو التالي:

اذ تؤكد على ان منبرها ملتزم بحرية التعبير فانها في نفس الآن لا تؤيد ولا تعارض اياً من المؤلفات الموقعة او المعروضة ومواقفها الفكرية ضرورةً، وانما تؤيد على دفاعها المطلق عن حرية التأليف والتعبير.

7-   تحية الى كبار رحلوا:

لقد فجع لبنان، هذا العام، برحيل كبار في مجالات الثقافة المختلفة، ومن واجب حركتنا ان تقدم لهم تحية اجلال وتقدير على مدخل المعرض، وهؤلاء الكبار هم:

انسي الحاج - جوزف حرب - صباح - سعيد عقل - جوزف ابو رزق - مصباح الصمد –سميح القاسم - حكمت تلحوق - فيليب خيرالله - منوال يونس - رضا وحيد - سامي عطية  - ليلى حكيم - نهوند - سيمون حايك - اسبر الحشاش - بشير هلال – روبير شويري - المطران فرنسيس البيسري.

8-   منشورات المهرجان: كعادتها كل عام اصدرت الحركة مجموعة من المنشورات:

‌أ-        الكتاب السنوي (320 صفحة) ويتضمن نشاطات حركتنا خلال الدورة 36 (2013 – 2014).

‌ب-اعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي (30) (112 صفحة) ويتضمن سيرة الاعلام الذين تكرمهم حركتنا في هذه الدورة (وعددهم 9) في مختلف حقول المعرفة.

‌ج-  كتاب المهرجان 2015 (702 صفحة): ويتضمن نشاطات المهرجان اللبناني في دورته الثالثة والثلاثون 1-16 آذار 2014.

‌د-   الجزء الثاني من كتاب اعلام الثقافة: وهو يتضمن وقائع التكريم للاعلام بين العامين (1993 – 1997) (605 صفحات) وهذا الانجاز قامت بالاشراف على تحقيقه الزميلة د. تراز الدويهي حاتم وساهم في تشجيع طباعته كل من معالي الاستاذ ميشال اده وزارة الثقافة بشخص معالي الوزير ريمون عريجي، بلدية انطلياس النقاش بشخص رئيسها الأستاذ ايلي فرحات ابو جودة، بلدية الجديدة السد بشخص رئيسها الشاعر انطوان جبارة، ونقابة المحامين في بيروت بشخص نقيبها المحامي جورج جريج. فلهم كلهم الشكر والتقدير.

    أيها الاعلاميون،

    في هذه الايام المصيرية التي تمر بها دولتنا اللبنانية، ويمر بها مشرقنا العربي، نستذكر نداء آباء القضية اللبنانية وآباء الاستقلال الحقيقي في مطالع القرن الماضي، ونجد مناسباً استعادة جزء من النداء الذي وجهه قادة الاتحاد اللبناني (يوسف السودا وانطوان الجميّل واغست اديب واعضاء مجلس ادارة الاتحاد اللبناني) الى الشعب في اول كانون الأول 1918: "... لا تجعل ايها الشعب الحر فارقاً ولا مميزاً في الاعراب عن امانيك بين الطوائف والمذاهب، ولا بين الاقاليم والاحزاب، بل كن لساناً واحداً في الطلب ويداً واحدة في العمل. فالاستقلال التام يوحد جميع الوطنيين ويؤاخي بين جميع السكان فتسود المساواة بين الجميع: مساواة في الحقوق ومساواة في الواجبات.

"...- ارفعوا صوتكم الى الدول الحرة المستعدة لاجابة رغائبكم. فليترفع هذا الصوت بطلب الاستقلال (حالياً الحفاظ والدفاع عن الاستقلال) من القرى والمزارع، من غابات الارز والصنوبر، من صدور الاحياء وقبور الاموات. ليحيا الاستقلال بضمانة الدول! وليحيا لبنان مستقلاً، قوته لنفسه وخيره لبنيه سيداً لا مسوداً وحراً لا عبداً. وليعيش بضمانة الدول المتمدنة فيكون صديق الجميع يكفله الجميع، فلا يدخل في عراك ولا يكون غرض العدوان، بل يكون بتلك الضمانة الدولية "سويسرة الشرق" تظلله الراحة ويخيم عليه النعيم، فيرسل من قنن جباله نور الحضارة والمدنية.

    فاليوم يوم كل لبناني، فيه يوطد اركان الراحة لنفسه واركان الهناء والسعادة لابنائه من بعده. فمن لم يعمل لمثل هذا فقد اضاع الفرصة.

    فيا ايها اللبنانيون، اعملوا اليوم لنفسكم، واعملوا لجيرانكم، واعملوا لابنائكم!

    وليحيا لبنان مستقلاً، آمناً مطمئناً، بكفالة نصراء الحق والعدل...!"

    بهذا النداء الذي نعيد توجيهه باسم حركتنا الى اللبنانيين بمناسبة المهرجان اللبناني للكتاب وبمناسبة الاخطار التي تهدد وجود دولتنا وشعبنا.

    ونختم مؤتمرنا بدعوة جميع المواطنين وجميع وسائل الاعلام الى حضور نشاطاتنا.

    ونتمنى ان يرعى مهرجاننا القادم رئيس للجمهورية، وان يسلم لنا لبنان من مخططات العاملين في الظلام من القوى الاقليمية والدولية والتابعين لهم في الداخل.

                                                    عاشت الثقافة الحرة وعاش لبنان

                                            امين الاعلام في الحركة الثقافية – انطلياس

                                                            د. عصام خليفة

• < السابق
• التالي >