تكريم كميل منسى
كلمة د. الياس كساب
أيها الأصدقاء ، أيها الحضور الكريم ،
أهلاً بكم هذا المساء في رحاب الحركة الثقافية – أنطلياس في المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الخامسة والثلاثين – دورة غريغوار حداد ، لنكرمَ بتقديرٍ واعتبارعلماً من أعلام الثقافة الكبار في لبنان – عنيت به ألأستاذ كميل منسى .
لهذه المناسبة خصصنا هذا اليوم من المهرجان له فدوّنا اسمهُ على المنبرِ كما ترون ، وفوق المدخل الرئيسي لصالة المعرض.
ولد كميل منسى في بيروت ومن جامعة القديس يوسف تخرج حاملاً اجازةً في الحقوق ، ولكن المرافعة أمام قوس المحاكم لم يروِ غليل هذا الشاب اليافع الطموح المتطلع أبداً الى أفق اللامحدود الى أثير ترامَ اتساعه الى أبعد من الحدود فدخل ميدان الاعلام المرئي عبر شاشة تلفزيون لبنان وقتئذٍ وساحتي المسموع والمكتوب عبر صحيفة ORIENT LE JOUR وعالم الاعلان فكان فيها كلها رائداً ومجلياً .
كميل منسى فكر نهضوي التزم التوجهات الجديدة سواء أكانت على الصعيد الثقافي أم الأكاديمي أم السياسي أم الاجتماعي فهو يرى في الأصالة والتجديد ركنين لحركة تتكامل من حيث الدُؤوبَ في العمل وتعزيز الفكر النقدي التطوري.
واكب انطلاقة الاعلام الحديث في لبنان والعالم العربي فكان أحد رموزها الأوائل وحاملي قبسِها فارتبط اسمه بادارة نشرات الأخبار والبرامج السياسية الحوارية مما أتاح له لقاء شخصيات عالمية مرموقة من مثال الرئيس الفرنسي شارل ديغول والرئيس الأميركي ليندون جونسون والزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف وسواهم ...
مسيرة كميل منسى متشعبة التوجهات ، فبالاضافة الى ما ذكرت تبوّءَ مراكز ومناصب قيادية في عدة مؤسسات وشركات كما أن التزامه الوطني والديني والثقافي والاجتماعي قاده الى المشاركة في هيئات الحوار الاسلامي المسيحي ، وعبر كتابه : عودة الجمهورية من الدويلات الى الدولة ، كذلك حضوره الجامعي اللآفت في لبنان والخارج حيث أعد ونشر دراسات في مواضيع عدة .
_____________________________
كميل منسى
كلمة مروان اسكندر
كميل منسى شخصية صورية (نسبة الى صور) يشع منها ذكاء ملحوظ وتغلفها اطواق من الخبرة جعلت منه خبير اعلامي مميز، سواء شخصيًا على شاشة تلفزيون لبنان قبل ان يكون هنالك تلفزيونات اخرى، كما كان لخبرته امتداد لتدريب طواقم في الLBC، وفي الMTVلم يكتفي بالتدريب بل هو اشرف على برامج الاخبار.
هو خريج الجامعة اليسوعية، حامل اجازة الحقوق التي لم يمارسها، فقد اختار الاعلام مسرحًا لنشاطه منذ البداية، فكان مدير الاخبار والبرامج السياسية في تلفزيون لبنان من عام 1960 وحتى عام 1971، ومن عام 1960 وحتى 1964 كان مراسل الراديو والتلفزيون الفرنسي في الشرق الاوسط من 1960 وحتى 1964.
اختار الانضمام الى مجموعة الشباب الذين التحقوا بمنهج الرئيس فؤاد شهاب ومن بعد وريثه بالصنعة ان لم يكن الجوهر الرئيس شارل حلو، فتولى مركز مدير برامج اذاعة لبنان.
وتعددت خبراته في السنوات اللاحقة فراسل اذاعة مونتي كارلو، وتولى ادارة شركة ميديا برس التي كانت مسؤولة عن اعلانات النهار والاوريان لوجور في سنوات 1971-1973 (النهار).
وترأس المنظمة الدولية للاعلان فرع بيروت ما بين 1980-1983، ودرس لسنوات في كليتي الاعلام وادارة الاعمال في الجامعة اللبنانية 70-76 وكان رئيس مجلس ادارة ومدير عام دار الاوريان لوجور للنشر على مدى 22 عامًا منذ عام 1981، كما كان المدير الاداري لجريدة الاوريان لوجور ما بين 1973 و2003.
رغم ادواره المتعددة استطاع مراسلة تلفزيون الABCالمحطة الاميركية المعروفة.
المناصب ذات الطابع المهني التنظيمي كان منها مجلس نقابة الصحافة اللبنانية 2003-2015 امانة سر الجمعية الخيرية لطائفة الروم الكاثوليك وعضو اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي وامين سر مجلس ادارة مهرجانات ذوق مكايل الدولية، وكان امين عام المجلس الاعلى لطائفة الروم الكاثوليك.
هو اليوم رئيس مجلس ادارة Front Page Communicationوهنالك الكثير من المناصب والمسؤوليات الاخرى التي تولاها وقد شملت رئاسة تجمع رجال الاعمال اللبنانيين لمدة 4 سنوات من 2007-2011.
لكم الحق ان تسألوا، كيف لرجل واحد ان يتولى جميع هذه المهمات، وان يتفرغ لإنجاز كتاب موسع عن عهد الرئيس الهراوي.
بالتأكيد يبدو ان هنالك مبالغة في تعداد المسؤوليات والادوار. وهنا لا بد ان اشير ان كميل منسى وعائلته من الاصدقاء المقربين مني ومن زوجتي، واننا لم نشعر يومًا بانه مثقل بالاعباء او هو متبرم من تعددها.
كميل حظي، ربما بسبب خلفيته العائلية، بنفسية يمكن وصفها بطول البال، ومواجهة التحديات من اي نوع يتوافق مع تطلعاته. وهو حظي من جميع من تعاملوا معه بالمحبة والاحترام في آن وهذه نتيجة تعبر عن جوهر الانسان افضل تعبير.
لقد شرفني بان دعاني للاشتراك في التعريف عنه وهو بالواقع لا يحتاج الى تعريف، بل هو يستحق الشكر لتميزه كلبناني مخلص، وكاعلامي مميز ان في حقل الصحافة او التلفزيون، وكصديق لا يمل.
مروان اسكندر
______________________________
كلمة في كميل منسى
كلمة محمد السماك
لن أتحدث عن كميل منسى الاعلامي وأستاذ الاعلام ،
ولن أتحدث عن كميل منسى رجل الأعمال والعلاقات العامة ،
ولن أتحدث عن كميل منسى الكاتب والأديب الراقي ،
ولكنني أود أن أتحدث عن كميل منسى "الجسّار" .
وأعني بذلك باني الجسور .
صحيح ان لبنان دولة صغيرة المساحة ، الا انها دولة أرخبيل ، تتألف من 18 جزيرة متناثرة في بحر لجي اسمه الشرق الأوسط . في هذا البحر براكين تنفث غبارها السام باستمرار . غبار رفض الآخر واحتكار الحق والحقيقة . وفيه براكين اخرى تحت الماء ، تطلق حممها المدمرة ، وباستمرار أيضاً . حمم التطرف الذي يجعل من القتل طريقاً وحيداً الى الله وقربى اليه وزلفى .
أحياناً ، تغمر أمواج البحر هذه الجزيرة أو تلك ، بشعارات مدفوعة الأجر من هنا ، أو بمشاريع وهمية من هناك ، ما أنزل الله بها من سلطان . وأحياناً أخرى تعصف رياح التنافس التزلفي بين هذه الجزيرة وتلك ، فينفجر بينهما التصارع و التقاتل من أجل قضية لا ناقة لأي منهما فيها ولا جمل . وعندما ينهكهما الصراع ويستنزفهما التقاتل ، يبحثان عن جسور التلاقي من جديد . من أجل ذلك تحتاج الجسور بين الجزر الثمانية عشر الى صيانة دائمة ، والى ترميم مستمر ، وحتى عندما تكون مغمورة بمياه الصراع والتنابذ ، تحتاج الى حماية لها من الحمم المتدفقة من تحت .. ومن الغبار السام الهابط عليها من فوق . وهنا نجد كميل منسى .
يؤهله للقيام بهذا الدور انه لم يحاول أن يكون قديساً بأخطاء غيره . لقد أحب وأخلص في حبه حتى للمختلفين معه ، فكان معطاء ليس فقط فيما يعطي ، ولكن في الطريقة التي يعطي بها .
ليس من الصعب أن تجد شخصاً ، أو أشخاصاً ، لا يحبون كميل منسى . ولكن من الصعب جداً أن تجد شخصاً لا يحبه كميل منسى .
يفتح الأبواب الموصدة بابتسامة ، ويحل المشاكل المعقدة بنكتة . لا يعني ذلك انه رجل بلا خطيئة ، ولكن أحداً من عارفيه لم يجرؤ مرة على أن يرجمه بحجر . ألم يغفر السيد المسيح الأخطاء الكثيرة لمن أحب كثيراً ؟.
كميل منسى متخصص ليس فقط في صيانة الجسور ، ولكن في فن بنائها ايضاً . وهو تخصص يقوم على علوم هندسة المحبة والتفاهم والاحترام المتبادل . وهو يقوم بهذه العملية التي باتت تشكل ركناً من أركان الثقافة اللبنانية ، منفرداً أحياناً ، وبالمشاركة مع زملاء له في اللجنة الوطنية المسيحية – الاسلامية للحوار أو في الفريق العربي للحوار الاسلامي – المسيحي .
هذا الذي ولد في سيارة اجرة في الطريق من صور الى بيروت ، اختلط فيها صراخ اطلالته الأولى على الحياة الدنيا ، مع صراخ أمه وهي تضعه .. ومع صراخ سائق السيارة الذي فوجئ بالولادة تحدث في المقعد الخلفي ، من دون أن يعرف ما اذا كان عليه أن يتوقف "ويصفّ على جنب" .. أو أن يضاعف السرعة –مخالفاً قانون السير- للوصول الى أقرب مستشفى .. جعل من ولادته الاستثنائية بداية لحياة استثنائية ، حملت الدهشة والاعجاب الى كل من استمع اليه عبر الشاشات الصغيرة .. أو من على المنابر الكبيرة .. والى كل من قرأ له مقالة أو كتاباً أو استمع اليه أستاذاً جامعياً .. وخاصة الى زملائه في لجنة الحوار الوطني ، لما يتميز به فكره من انفتاح وسماحة .
لم يكن كميل ، المسيح ليكلم أمه في المهد ، وليطمئنها "أن لا تخافي ولا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً " ، ولكنه كلمنا نحن ، وكلم جمهوره وطلابه وقراءه الذين تعلموا من حكمته ومن ثقافته بصوت هادئ ، لعله ما تبقى من الصراخ في السيارة . تعثر أحياناً ولكنه لم يقع أبداً . فالمسألة عنده ليست في التعثر ولا حتى في الفشل . ولكن المسألة ، كل المسألة ، هي في عدم الاقتناع بالفشل أو الرضى به أو الاستسلام اليه . وبهذه الثقافة كان ولا يزال ينشط في لجان الحوار الاسلامي – المسيحي في لبنان والعالم العربي وشعاره دائماً الذي ترجمه في اللقاءات الحوارية انه لا فشل مع المحبة.
حمل تلفزيون لبنان صوته وصورته الى كل لبنان ، الى الجزر الثمانية عشر ، فبدا لكل جزيرة وكأنه واحد منها . وبهذه الخلفية الثقافية الانفتاحية ، شارك في بناء اللجنة الوطنية للحوار وكان ولا يزال كريماً في عطاءاته لها ، مبادرات وأفكاراً بناءة لجسور المحبة والتواصل والتفاهم .
لقد أغنانا كميل منسى في اللجنة الوطنية وفي الفريق العربي بتجربته الغنية في فن بناء الجسور وفي تعزيز ثقافة احترام الاختلاف ، وفي تقدير نعمة التعدد حق قدرها .. حيث ما زلنا نعمل معاً ، نتعلم من فشلنا ربما أكثر مما نتعلم من انجازاتنا . يصفعنا الفشل مرة ، ونصفع الفشل مرات ومرات .
كميل منسى راعي جسور المحبة .. حتى اذا لم يجد جسراً .. كان هو الجسر .
محمد السماك
____________________________________
كلمة كميل منسى في يوم تكريمه
مهرجان اللبناني للكتاب
دورة غريغوار حدّاد
الجمعة 18 آذار - الحركة الثقافية – انطلياس
مسرح الاخوين رحباني
من أين أبدأ ردا" على ما قيل في العبد الحقير وحبذا لوأستحق منه القليل. إن لقاء نا الليلة محطة بارزة في حياتي، كيف لا والداعون هم من هم مكانة" ورحابة" وعطاء"، والمكان بفضل الحركة الثقافية – انطلياس صرحٌ من صروح المعرفة والتميّز، والمناسبة المهرجان اللبناني للكتاب هيكل من هياكل الثقافة في لبنان والعالم العربي. أما المتكلمون فرفاق وأصدقاء ومحبون شكرهم، على وجوبه، كمن يشكر نفسه.
وما يزيد اللقاء رهبة ان اسم الدورة التي أكرّم فيها تحمل اسم غريغوار حداد المطران المدني و الإنسان.
لقد رافقته شابا" مع عدد من الجامعيين في تأسيس الحركة الإجتماعية، حركتُه، فكنت شاهدا" على إختياره المحبة رسالة"، وعلى إختيارها إياه رسولا" سعى الى نشر الحوار و التواصل و السلام في المجتمع.
وهما هذان التواصل والحوار اللذان طبعا حياتي في كل مراحلها، فكانا بالنسبة إليّ وسيلة حياة وأداة سلوك.
لقد عشت الإعلام على انواعه منذ أن كان حرفيا" الى أن بات إفتراضيا" بفضل التقنيات الحديثة التي أسقطت الحدود وسهّلت التبادل والتفاعل بين البشر. في الماضي كانت صعوبة الوصول الى الآخر تحول دون التحاور معه بسهولة، اليوم بات التحاور في المتناول من غير أن يترجم بالضرورة توافقا". من المسؤول؟ ليست التقنيات، إنما من يسيء إستعمالها. هنا يكمن دور الدولة و الإعلام في تنوير المواطن لدفعه الى الحوار متجردا" من إنتمائه الطائفي والمذهبي والسياسي ومن مواقفه المسبقة من العلاقات بين الشعوب والأديان ومن التديّن والتطرف. إنها ولا شك مهمة صعبة في عالم، وخصوصا" في منطقة حيث سرعان ما تتحول الصراعات السياسية أو الاقتصادية أو الإجتماعية صراعات حضارات، الأديان جوهرها.
إن بلوغ مستوى المجتمعات الراقية، المثقفة التي نطمح الى ان نكون منها يقتضي مزيدا" من الإستثمار في صناعة المعرفة وممارسة الديموقراطية. ومن بديهيات الثقافة القراءة. ففي الدول العربية التي يُشكِل سكانُها 5% من مجموع سكان العالم، لا تتعدى الكتب الصادرة فيها نسبة 1،1% من مجموع الكتب على وجه الأرض. أضف أن معدل ما يقراءه الشخص الواحد في هذه الدول لا يتعدى ربع صفحة سنويا"، في مقابل 11 كتابا" للقارىء الأمريكي و 9 للبريطاني.
هذا يسوقنا الى تمنيين: إيلاء العلم والثقافة إهتماما" اوسع، وإتاحة الفرصة للإعلام للإطلاع بدوره الصحيح.
فلا بد للحكام أن يكفّوا عن اعتبار الإعلام امتدادا" لسلطتهم. ولا بد لبعض العاملين في الإعلام أن يكفّوا عن إعتبار السلطة مصدرا" لرزقهم وسبيلا" لتحسين وضعهم الإجتماعي.
كما لا بد للإعلامي أن يكفّ عن اعتبار نفسه مسؤولا" أمام رجال السلطة الذين يكتب عنهم بل أن يكون مسؤولا" أمام القراء الذين يكتب لهم.
إن أقصى طموحنا جميعا" أن تتبلور حرية التفكير في حرية التعبير كي نصل الى حرية التغيير الذي نحلم به.
هل أنا أحلم؟
يقال ان الشيخوخة تبدأ عندما ينتصر الندم على الأحلام. الغَلَبة عندي لا تزال للحلم على الندم و أردد مع أحمد صافي النجفي:
"عمري بروحي لا بعدّ سنيني ولا أسخرنّ غدا" من التسعينِ
عمري الى التسعين يمضي مسرعا" والروح ثابتة على العشرينِ"
الشكر للحركة الثقافية معبد ثقافة والياس كساب أحد القييمين عليها، لمروان إسكندر الصديق الصادق الذي يعرف عني أكثر مني، لمحمد السماك المحاور اللامع المتواضع، لميّ كحالة التلميذة الأستاذة، لرلى كساب حداد الوردة الحمراء في باقة زهر، لجورج فرشخ رفيق الأيام الحلوة، لمحمد كريّم الذي لولاه لما نجحت عملية تجميل الإذاعة ولو الى حين ولسام منسى القريب القريب.
والشكر كل الشكر للحضور الذي أكرمني بحضوره وأسعدني بصداقته.