تكريم أعلام الثّقافة في لبنان والعالم العربي

السيدة نضال الأشقر

 

 كرّمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" السيدة نضال الأشقر. وقام الأستاذ طلال سلمان بتقديم المكرّمة والأستاذة حياة الهاشم بإدارة اللّقاء أمام حشد غفير من الأصدقاء والإعلاميين والديبلوماسيين على رأسهم سفيرة بريطانيا في لبنان فرانسيس غاي.

 images/bf2011/nidalachkarweb.jpg

استهلّت الأستاذة حياة هاشم كلمتها عن السيدة نضال الأشقر قائلةً إنّ التاريخ يتوهّج على لسانها فلا تبقي مخزون الروائع في بطنه حروفا جامدة. فقد تلألأت في إطلالاتها في لبنان والدنيا وقطفت الدهشة من وجوه الناس وزرعت الفرح في قلوبهم. وحملت إليهم الدعوة إلى عدم الاغتراب عن ماضيهم المشرق. فحضورها على خشبة المسرح حمل النبل إلى جمهورها وصوتها اخترق القلوب. فهي عقل يعرف ماذا يختار وقوة حضور مسرحي وصوت رخيم.  يحبها جمهورها ولو أن بعضه يختلف معها. وهي حقًا اللبوة بنت ذاك الأسد الذي سعى إلى ترجمة ما يؤمن به فدفع ثمنه غاليا.  وهي سفيرة لبنان إلى السلّم الحضاري. ومن السفراء الآخرين طلال سلمان، هذا القلم  الذي سبَغ  على مدى عقود حضورًا مميزا في الصحافة اللبنانية والعربية.إنه مدير جريدة السفير "صوت الذين لا صوتَ لهم".

 فنكلّم الأستاذ طلال سلمان الحديث قائلاً إنّ مهمّته لصعبة ومشوّقة فهذه المناضلة الدائمة أوعت ثقافة وفنًا ومثّلت وأخرجت، وخلقت مسرحًا دائمًا وهي مفلسة. فالمسرح مرضها الذي لا تريد أن تُشفى منه. وبدأت وحيدة تمامًا في مسيرتها المسرحيّة، فوالدها كان سجينًا بتهمة إسقاط النّظام، وكانت المخابرات تطاردها، وهي تطارد الطّائفيّة. واختارت المسرح ميدان المواجهة. وذكر أنّها بدأت رحلتها مبكرة في السنة 1968، حين أسست مع روجيه عساف محترف بيروت للمسرح، فكانت "مجدلون" نقطة الانطلاق، ثمّ كرّت السلسلة. ودرّبت كثيرين وعملت مع كثيرين مؤمنة أنّ الممثل يتكوّن على خشبة المسرح. فحيث لا مسرح، لا ثقافة مهما تعاظمت ادعاءات الزجالين. فضلا عن ولعها بالمسرح، هي قارئة شعر من الطراز الأول، تجعل القصيدة تنبض حياة. واعترف أنّه لولا نضال الأشقر لما تذوّق الفن المسرحيّ. فهي قاتلت وخاصمت وعاركت أصدقاء وشركاء ومتطفلين ورجال سلطة ورجال مال حتى ثبّتت مسرح المدينة. وأنهى كلمته شاكرًا "الحركة الثقافيًة-أنطلياس" لأنّها وفرت له وللحاضرين الفرصة لهذه التحيّة، وشاكرًا نضال الأشقر لأنّها مسرحَتهم جميعًا!

 وألقت السيدة نضال الأشقر كلمتها بعد عرض فيلم من اعداد ليليان حلبلبي عن ابرز محطات حياتها، معبّرة عن حزن يتملّكها مع أنّ مهنتها مهنة الفرح والتواصل والحوار. أمّا سبب هذه المرارة فبسيط: إنّها في أرض الخراب يحوطها الحطام. ولكنّها سرعان ما تشيح بنظرها عنها، لتطلّ على الربيع الذي يزهر في أرض عمر المختار، وتونس وقرطاجة. وهذا الربيع يعيد الأمل إلى قلبها، لأنّها على ثقة بأنّ الحياة بدون حريّة هي الموت.وفي ضوء هذا الانفتاح، تتساءل لماذا تأخّر لبنان في حمل رايات الحريّة. وتجول في خاطرها أسئلة كثيرة منها: ماذا فعلنا بالسنين؟ ماذا قطفنا من تعبنا وشقائنا؟ ماذا غيّرنا ونحن دعاة تغيير؟ أين الأمنيات التي زرعناها والأحلام بالوطن الكبير.فهي تشعر بغربة لأنّ الحصاد لم يكن على مستوى تطلعاتها. فقد كرّست طاقاتها في خدمة الثقافة والمسرح، وحاربت الطائفيّة والقمع، ولكن بدون جدوى. فما زالت تنتظر زمان لبنان العلمانيّ ومنارة المشرق. ولكنّها صرحت أخيرًا أنّ قلبها ينبض بالأمل إذ تنظر إلى الحاضرين الذين يراهنون على الثقافة والإبداع وتشعر في الفصل الأخير من حياتها كأنّها على عتبة الدخول إلى الحياة، على أمل أن تشرق من جديد شمس الوطن.