نظمت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" ندوة حول كتاب ابراهيم العريس:"الصورة الملتبسة، السينما في لبنان: مبدعوها وأفلامها" بمشاركة الصحفيَين نديم جرجورة وفيكي حبيب، وأدارها الأستاذ جورج اسطفان.
رفض الأستاذ جورج اسطفان أنيخوض في دراسة أكاديمية أو فنيّة للكتاب الذي تابع باهتمام ردات الفعل حوله، فبنظره يظل كل ما قيل في كتاب ابراهيم العريس وعنه، منقوصاً. فوحده الكاتب قادرٌ، الى حد ما، على الإفراج عن بعض خباياه. وتبقى الندوات واللقاءات عاجزة عن فك رموزه. هي فقط وسيلة للتطرق الى موضوعه المعلن. ومن هذه الزاوية ذكر أنّ الكاتب يستعرض تاريخ السينما في لبنان، وتعرجاتها الإنتمائية والنضالية التي لا يؤمن بها. ومن خلال هذا العرض، يضيء على تاريخ الوطن. ويقول في مقابلة مع الزميل هوفيك حبشيان نشرت في "النهار": "تاريخ أي فن في أي بلد، هو التاريخ الحقيقي لهذا البلد. ليست السياسة ما يؤرخ لتاريخ البلدان... القضايا الصغيرة هي التي تصنع التاريخ. وهذا التاريخ هو هاجسي: تاريخ الأدب والفن عند الحضارات، لا التاريخ الكبير. لا أقول كيف عكست السينما التاريخ، بل كيف صنَعته. في كتابي عن السينما اللبنانية، أردت ان اكتب مرحلة من تاريخ لبنان من وجهة نظري الخاصة، أي من خلال السينما." ويضيف إنّ التأريخ لهذه المرحلة خلق له عداوات، ولم يزد عدد أصدقائه. انها الضريبة على رفض المساومات. ويؤكّد الأستاذ جورج اسطفان أنّ الكاتب قدّم رواية ترهق النقاد ولا تعجب الشخصيات. فهي تُشِعُّ بحقيقة مطرحها خلف الكاميرات، حيث تتوسع الزوايا وتختلف الرؤية. وتكمن عظَمة نَصّه، وأي نصَ بأنّه يفتح المجال للقراءات المتعددة.
وجاء في كلمة الناقدة السينمائيّة في جريدة "الحياة" فيكي حبيب أنّ همومًا ثلاثة شغلت الناقد ابراهيم العريس في وضع كتابه "الصورة الملتبسة/السينما في لبنان: مبدعوها وأفلامها." أولها حرصه على إبراز دور الثقافة في كتابة التاريخ. ففي هذا الكتاب، يعبّر عن نظرته إلى تاريخ السينما اللبنانيّة بوصفها جزءًا أساسيًا من تاريخ مبدعي هذا الفنّ، وجزءًا من تاريخ المجتمع والوطن. وهو يربط بين خصوصيّة الإبداع وعموميّة التلقي. واعتبرت أن الربط هذا هو جوهر أسلوب ابراهيم العريس. أمّا الهمّ الثاني هو همّ معرفيّ بحت انطلاقًا من ايمان الكاتب بأن الفنّ السابع هو واحد من الفنون الأكثر ديمقراطيّة لشعبيته وقدرته على تحريك المتلقي بجعله يطرح الأسئلة على نفسه. وقد استهلّ الأستاذ ابراهيم العريس كتابه بتساؤل عما إذا كان هناك في لبنان إنتاج سينمائي جدير بأن يحكي عنه في 400 صفحة أو أكثر. فيأتي الجواب في الكتاب بحد ذاته فهو وفق قول الصحافيّة فيكي حبيب يعالج حتى السينمائيين قليلي الأهميّة كمادة جديّة تُدرّس. أمّا الهمّ الثالث فهو فهم ذاتيّ يحاول من خلاله الكاتب إشراك قارئه شغفه بفن من الفنون سار في دمائه قبل أن يختاره طواعية، فوالده، علي العريس، أحد روّاد هذا الفنّ السينمائيّ. ونوّهت بالفصلين اللذين كرّسهما المؤلّف إلى الانتاج السينمائي المصري، والفلسطيني. وشكرت "المعلّم" ابراهيم العريس على كتابه منتظرة مؤلّفه الجديد.
أمّا الصحافيوالناقد السينمائي في جريدة السفيرنديم جرجوره، فقال إنّ هذه الشهادة النقديّة تتيح له فرصة استعادة تاريخ حافل بالأسئلة المعلّقة، وتكمل مسارًا حياتيًا وثقافيًا نشأ بينه وبين إبراهيم العريس. وأضاف أنّ النصّ النقديّ الذي صنعه العريس مستمرّ في مواكبة منعطفات التجارب الفردية في صناعة الأفلام اللبنانيّة، معتبرًا أنّ هذا مهمّ وجوهريّ. وأكّد أنّ ابراهيم العريس قبل عمله في السفير وبعده، حافظ على مسألتين مهمّتين: النّقد السينمائي والنّقد الفكريّ. فمعهما واكب بواقعيّة كلّ عناوين المراحل السياسيّة والثقافيّة والاجتماعيّة بالإضافة إلى كلّ تبدلات المجتمع والبيئة والنظم الإنسانيّة والأخلاقية التي عرفتها البلاد العربية. وفي كتابه الجديد لا يقف عند تتبع المسار التاريخيّ البحت لصناعة الأفلام فحسب، بل يتناول المجتمع اللبنانيّ وتحوّلاته منذ تأسيس دولة لبنان إلى الانهيارات الآنيّة في السياسة والثقافة والفن والإعلام. فمن بدايات السينما في العام 1929، والعصر الذهبيّ في مطلع الستينات، إلى اندلاع الحرب الأهلية والسينما البديلة. واعتبر الصحافي نديم جرجوره أنّ هذا الكتاب مرآة تاريخيّة اخترقت السياسيّ والثقافيّ والاجتماعيّ وذهبت إلى النَفَس الشبابيّ. والتاريخ معه رحلة في الضمير الإنسانيّ والوعي الفردي اللذين صنعا الماضي.