افتتحت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" "المهرجان اللّبنانيّ للكتاب"- السنة 31، يوم السبت 3 آذار 2012 السّاعة الخامسة مساءً في مقرّها في دير "مار الياس- أنطلياس" بحضور حشد من المدعوين الرّسميين والرّوحيين والمدنييّن.
استهلّ الحفل بالنشيد الوطنيّ اللبنانيّ. فرحّب مقدّم الحفل الدكتور "الياس كساب" بالحضور الكريم متحدّثاً عن حاجة مجتمعنا إلى كتاب نغوص في صفحاته وبين سطوره لنجد فيها صوراً متمرّدة على الجهل فيضيء الدروب بنور الحقيقة الساطع ويضحي أداة لثقافة التغيير التي أشرقت على الشعوب التوّاقة إلى التعبير الحر والكلمة التي تفكّ قيود الممنوع.
أمّا الأستاذ "جوزف هيدموس"، أمين المعرض، فاعتبر "المهرجان" فسحة مشعّة في أجوائنا الثقافيّة تسهم في نشر الثقافة وتعميمها لأنّنا بالثقافة نكتشف الآخر وتنفتح عقولنا ونتربّى على الديمقراطية ونتعرف إلى معتقدات الغير فنخلع عنا ثوب العصبية الحاقدة والطائفية الفتنوية. وذكر أنّ المهرجان يشتمل على مجموعة من الأنشطة الصباحيّة الموجّهة لتلامذة المدارس، وسلسلة من المحاضرات والندوات، وتكريم لأعلام الثقافة، كما يتخلله توقيع مؤلّفين لاثنين وخمسين كتابًا من مؤلفاتهم الصادرة حديثًا . وهذه السنة سيحظى الزائرون بجائزتين يومياً من منشورات قدمتها الدورُ المشاركة. وأعرب عن امتنان "الحركة" للرهبنة الأنطونية وبخاصة للأب "ريمون الهاشم" لاحتضان الحركة وأنشطتها، وتوجّه بالشكر لإدارة بنك عودة ولرئيس بلدية انطلياس – النقاش المهندس السيد "ايلي ابو جودة" والاجهزة الامنية على اختلافها وكلَّ من ساهم في انجاح هذا المهرجان.
ثمّ كانت كلمة الأب المدبّر "ريمون هاشم" رئيس دير"مار الياس- انطلياس"، رئيس "الحركة"، وجاء فيها: أنّ احتضان الرهبنة الأنطونية "للحركة الثقافية" وأنشطتها خير دليل على التناغم والتواصل بين الكنيسة والتطور العلمي والاجتماعي. وذكر أنّ الحضارات انبعثت من المشرق والأبجدية انطلقت من لبنان أمّا ينابيع العلم والمعرفة والثقافة فتدفقت من انطلياس لتجعلها عاصمة للكتاب على مرّ السنين. ونوّه بفخامة رئيس الجمهورية العماد "ميشال سليمان" راعي هذا الحفل الذي يدأب على إرساء أسس السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتشجيع جميع النشاطات الثقافية في المناطق اللبنانية كافّة. وشدّد على أهمية الكتاب في حياتنا اليوميّة لأنّ التكنولوجيات الحديثة لا تتخطاه لما تنطوي عليه طيّات صفحاته من معارف وثقافات، فيبقى خير سراج للعلم والمعرفة.
وتلاه أمين عام الحركة الثقافية الأستاذ "جورج أبي صالح" الذي ذكر أنّ "الحركة الثقافية" من خلال مهرجانها توجّه للرأي العام اللبناني رسائل عدّة ، أهمّها أنّ الكتاب يبقى أجدى الوسائل التعليمية والتثقيفية، وأنّ بيروت كانت وستبقى عاصمةَ الطباعة والنشر في العالم العربي. ولفت أنّ الحركة لا تتعاطى السياسة الفئوية، ولا تتّخذ مواقف من قبيل الموالاة أو المعارضة لسلطة قائمة ، بل ترى واجباً عليها أن تُعلن جهاراً مواقف صريحة وجريئة إزاء أيّ انتهاك للقيم المعترف بها عالمياً ، وبخاصة لشرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية ، في أيّ زمان أو مكان. وضمن هذا التوجّه المبدئي ، يندرج موقف "الحركة" الشاجب لكل أنظمة الاستبداد والتسلّط والفساد في العالم ، ولا سيّما في عالمنا العربي. وأشار إلى اهتمام "الحركة" بتعزيز دور المرأة في المجتمع، وتكريم المعلّم من هنا احتفالها السنويّ بيوم المعلّم والمرأة. وذكر أنّ الحركة تُصدر ثلاثة منشورات توزّع على الجمهور بلا مقابل، هي: "كتاب المِهرجان" الذي يضمّ بين دفَّتيه جميع أعمال "الحركة" للعام 2011 صوناً لذاكرتنا الثقافية، و"الكتابُ السنوي" الذي يحتوي كامل أنشطة الحركة في الدورة المنصرمة، وكتيِّبُ "أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي"، الذي يعرض السيرة الذاتية للرعيل السابع والعشرين من الأعلام المكرّمين هذا العام.
وأعرب عن امتنان الحركة العميق لراعي المهرجان فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ودولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء السيد نجيب ميقاتي الممثلين جميعًا بوزير الثقافة المهندس "كابي ليّون". وأشاد بغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الممثّل بسيادة المطران "رولان أبو جودة"، ونوّه بالرهبانيّة الأنطونية التي تحضن الحركة منذ نشأتها ممثلة بشخص رئيسها العام الأباتي "داود الرعيدي".
وأسِف لوضع الحياة العامة اللبنانيّة إذ أنّها تفتقر للتداول السلمي للسلطة ولأحزاب حقيقية ولإدارة عامة تخدم المواطنين وتضمن حقوقهم على قدم المساواة. ولفت إلى أنّ الدولة المدنية اللبنانيّة المنشودة لا تُبنى إلا إذا تطوّر النظام السياسي عبر قانون انتخابي عصري يؤمّن صحة التمثيل.
وأنهى كلمته متحدَثًا عن دور المثقفين المتنوّرين والناشطين في المجتمع المدني في تفعيل الحياة العامة حتى يرقى المجتمع المدني اللبناني لتطلّعات أبنائه ويتحقق التحوّل السياسي المنشود بسلام وأمان.
ثمّ كانت كلمة راعي المهرجان فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد "ميشال سليمان" ألقاها بالنيابة معالي الوزير "كابي ليون" الذي أشار إلى أنّ "الحركة الثقافية-أنطلياس" كانت ولا تزال الشعلة المضيئة في الأيام الحالكة، تحمل القلم وتصرخ في وجه الطامعين والعابثين بأمن مجتمعنا لأنّها تنشر الثقافة. فالثقافة أساس بناء الإنسان، وبدونها لا يستقيم المجتمع ولا تنهض الدولة، تجمع المثقفين حولها كلّ سنة، في موسم جديد للكتاب، يرسم صورة جليّة لإبداعات فكرية تسلّط الضوء على أهميّة المثقف في نشر التراث الوطني في زمن نحتاج فيه ربما إلى تنشئة وطنية إنسانية متجدّدة. وتمنّى على "الحركة" أن تهتمّ كثيرًا بنشر ثقافة النقد العقلاني الحرّ.
وبعد الانتهاء من الكلمات، توجّه الحضور الى القاعة الكبرى، فقصّ الوزير "كابي ليون" الشريط مفتتحا المهرجان اللبناني للكتاب في سنته الحادية والثلاثين.