أقامت "الحركة الثقافيّة- أنطلياس" ندوة حول كتاب القاضي جورج ملاط "القاضي يتذكّر" شارك فيها معالي الأستاذ إدمون رزق والدكتور منيف حمدان والمدير العام القاضي عمر الناطور وأدارها المحامي هيكل درغام.
رحّب المحامي "هيكل درغام" بالمشاركين في الندوة حول كتاب القاضي "جورج ملاط" "القاضي يتذكّر"، وأشار إلى أنّ هذا الكتاب يتضمّن مسائل وقضايا متفرّقة وأحكام لجرائم وموضوعات كانت بالغة الدقة والأهمية. فهو يسرد الوقائع بأسلوب مميزّ ينمّ عن ثقافة ومقدرة أدبية وقضائيّة. وأشاد بمؤلّف الكتاب، قاضياَ يعتزّ به القضاء إذ هو من الرعيل المؤسس للجسم القضائيّ في لبنان. وترك الكلمة للوزير "أدمون رزق" صديق القاضي ملاط منذ الطفولة، والملتزم بقيم دولة القانون، وللرئيس "عمر الناطور" هذا القاضي المحترم الذي يحظى بشعبية كبيرة وأيضًا للمحامي الدكتور "منيف حمدان"، هذا المناضل في أروقة القضاء لحوالي ربع قرن.
تحدّث الوزير "أدمون رزق" عن كتاب "القاضي يتذكّر" المتميّز بأسلوب شائق وواقعيّ. وقال إننا نستشفّ قيم القاضي من وحي كتابه، فهو يرفض المساومة والمواربة ويفرض العدالة بدون خوف. ولم يتردّد في كتابه في الكشف عن معلومات دقيقة حول اتصالات ومواجهات وأسماء وانتهاكات. فهو يؤمن بأنّ القضاء هو الحماية الأساسية لحقّ المواطنين والإنسان ولا يجوز رهنه لمشيئة حاكم أو مرجعية حزبية أو مذهبية. ورأى أخيرًا أنّ الكتاب ينطوي على بعدين متلازمين ألا وهما: التذكّر والتذكير، تذكّر القضايا وتذكير زملائه بأنّ القضاء أمانة القاضي والقاضي ضمانة القضاء حتى ننعم بدولة الحضارة التي اسمها لبنان.
ثمّ ترك المنبر لمدير عام وزارة العدل القاضي "عمر الناطور" الذي أشاد بسعي القاضي ملاط إلى الحقيقة على الرغم من كل المعوقات الشكلية والموضوعية. وذكر أنّ شجاعته تجلّت في إخلاء سبيل "ريمون إده" حين كانت السلطة تريد توقيفه بعد احتجاز أنصاره ظابطًا في المكتب الثاني. ومن وحي المناسبة، تساءل الرئيس"الناطور" عن حال القضاء اليوم بعد تراكم مشاكل كثيرة من وسائل العمل المادية وتراكم الملفات والقضايا. ورأى أنّ مشاكل القضاء هي انعكاس لمشاكل المجتمع. وشدّد على أخلاقيات العمل القضائي الثماني ألا وهي الاستقلال والنزاهة وموجب التحفظ والشجاعة الأدبية والتواضع والصدق والشرف والنشاط وهي سمات يتّصف بها القاضي "ملاط".
استهلّ المحامي الدكتور "منيف حمدان" كلمتهوختمها بأبيات شعرية يتغنّى فيه بهيبة الرئيس "جورج ملاط" المماثلة لأسطورة هيبة قضاة "برلين". وذكر أنّ المؤلّف قامة في الأدب واللغة والقضاء ودقة الملاحظة والشجاعة. وهو صاحب عبارة سهلة ممتنعة، يسرد الوقائع بأدق التفاصيل بدون أن يملّ القارئ لأنّه يبثّ الحركة والحياة فيها. فيُخيّل للقارئ أنّه يعايش القضايا المعروضة من قضية "القاتل الخيالي" إلى جريمتي "كفرزبد" و"تربل" الغامضتين. يتمتّع ببلاغة لا مثيل لها على غرار أبيه الشاعر "شبلي الملاط". فضلاً عن ذلك لطالما أظهر شجاعة كبيرة في مواجهة الكبار، ورفض إغراء تعيينه مدّعيًا عامًا تمييزيًا إذا كان ثمن ذلك الحكم على "غسان تويني" بجناية وليس بجنحة، عقب نشر هذا الأخير في جريدة النهار "المقررات السرية " لمؤتمر القمة العربية الذي انعقد في المغرب في العام 1973. فالقاضي على يقين بأنّ "كنوز الدنيا تصبح بدون قيمة أمام شمس العدالة التي تشرق من أحكام القضاة الشرفاء". وختم كلمته شاكرًا القاضي على كتابه الدسم، مشيدًا "بالحركة الثقافية " وتراثها العريق من "عاميّة أنطلياس" التي جمعت كلّ اللبنانيين من كلّ الأطياف العام 1840، وعلى كلّ ما تقوم به من أنشطة ثقافية مميّزة.