ندوة عن كتاب "مذكرات ابراهيم الياس كرم" في مهرجان الكتاب انطلياس

 

نظمت الحركة الثقافية انطلياس، ندوة عن كتاب "مذكرات ابراهيم الياس كرم، مجنّد في خدمة الإنسانية ولبنان وفرنسا"، في إطار المهرجان اللبناني للكتاب للسنة 38 – دورة المعلم بطرس البستاني، على مسرح الأخوين رحباني في دير مار الياس انطلياس، شارك فيها الأب مارون الصايغ والأب الياس الحلو والأب سركيس الطبر، وأدارها المحامي معوّض الحجل، في حضور عدد من المهتمين وزوار معرض الكتاب.

 

بعد النشيد الوطني، كانت كلمة لمدير اللقاء الحجل لفت فيها إلى أن الكتاب يتيح في المجال لدرس الحرب من زاوية جديدة هي مذكرات كتبها شخص من عامة الشعب كرّس وقته وجهده وخاطره بحياته وحياة عائلته لتحقيق ما اعتقده حلم أورجاء وهو الانتهاء من النير العثماني، إلا أن كرم فهم في مرحلة لاحقة أن فرنسا استعملته كما غيره لتحقيق مصالحها لا أكثر وعند انتهاء الحرب الكبرى تخلت عنه وعن مساعدته.

وعرض نشأة كرم في الكفور الكسروانية وعمله في مجال التجارة والأوسمة الفرنسية التي نالها اعترافا من الدولة الفرنسية ببسالته وجرأته وتقديرا لخدماته التي قدمها خلال الحرب العالمية الأولى.

ولفت إلى أن كرم دوّن مذكراته في العام 1926 ويخبر فيها بالتفاصيل عن عمله السري كمخبر لدى المخابرات الفرنسية في جزيرة أرواد خلال الحرب العالمية الأولى، وتحتوي تقارير عسكرية وسياسية ومراسلات مع السلطات الفرنسية العسكرية والسياسية عن وضعه المعيشي السيء بعد انتهاء الحرب واندحار الجيوش العثمانية وانتصار الحلفاء.

 

الطبر

وألقى الأب الطبر كلمة رأى فيها أن مذكرات ابراهيم كرم هي ذاكرة الوطن، ذاكرة الذين جاهروا بولائهم لوطنهم وشعبهم وضحّوا في أوقات القهر والظلم الكبيرين، واعتبرها إبراز لوجوه لها الفضل إذ كانت دروعا واقية للوطن وأداة لعودة الحرية.

ولفت إلى أن المذكرات هي وصف حي لحروب الشرق الأوسط في تلك المرحلة وتحرك الأسلحة والذخائر والجيوش، وكان هناك تجييش لعدد كبير من الأشخاص في عملية الإنقاذ وجمع الأخبار.

وتحدث عن نهاية الحرب وخيبة الأخوين يوسف وابراهيم كرم بسبب المعاملة السيئة للفرنسيين إبان دخولهم إلى بيروت عام 1918، فكانت معاملة الإنكليز أفضل بكثير منهم.

ودعا الطبر "كل من يحتفظ بوثائق ترتبط بأشخاص كان لهم دور كبير في خدمة الوطن والشعب خلال الحرب العالمية الأولى، إلى نشرها خدمة للوطن والتاريخ، لأن هناك عددا من المناضلين الشرفاء لم يعطوا بعد حقهم ولم تسجّل أسماؤهم في سجل الحياة بين الخالدين النبلاء من أبناء الوطن".

 

الصايغ

وألقى الأب الصايغ كلمة ركز فيها على نقاط أربع بدأها بالشبكة التي تعمل لصالح المخابرات الفرنسيّة، فتناول هيكليّتها ودور كلّ عضو فيها والتكامل بين أدوار أعضائها وهذا ما أدّى إلى نجاح عملها في جمع المعلومات عن الأوضاع العسكريّة والسياسيّة والاقتصاديّة في لبنان وسوريا خلال الحرب العالميّة الأولى وفي إيصال مساعدات المغتربين لذويهم ومساعدات الدولة الفرنسيّة لجياع لبنان والتي وزّعها الخوري (المطران) بولس عقل من خلال جهاز ضخم أداره.

وانتقل إلى التحقيق وتوقّف عند العمل الذي أقدم عليه على الشخصيّات والأمكنة الواردة في مخطوط المذكّرات، واضعًا في تصرُّف القارئ نبذة عن حياة كلِّ شخص، وعن كلِّ مكان ورد اسمه في المخطوط. وتوقَّف بشكل خاصّ على الأحداث، وقام بمقارنة دقيقة بينها وبين أبحاث أخرى، وعمل على المصطلحات المعرّبة ولا سيّما التركيّة منها.

وبالنسبة إلى الغلاف وعنوان الكتاب، شرح صورة الغلاف التي تعود إلى كاتب المذكّرات إبراهيم الياس كرم وهو متنكّر بزيّ بدويّ اعتمده خلال القيام بمهامّه، حاملًا سلّة يخفي فيها التقارير ومراسلات الخوري عقل تحت علب السجائر. أمّا العنوان "مجنّد في خدمة الإنسانيّة ولبنان وفرنسا"، فقد قارن فيه بين جاسوس ومجنّد.

وتناول الذاكرة الشعبيّة وأهمّيَّتها في لعب دور هامّ في حال فقدان الوثائق، متوقّفًا عند ما علق في ذاكرة أبناء البوار والعقيبة في ساحل الفتوح عن أعمال تلك الشبكة.

 

الحلو

وكانت كلمة للأب الحلو تحدث عما يتضمنه الكتاب من مرحلة قاسى فيها جبلنا والساحل كما شمالنا والجنوب، مرحلة مظلمة نتذكّرها لنتعلّم من مآسيها وننهل من آلامها فنتحاشى المآسي والآلام".

وهنأ واضعي الكتاب الأبوين الطبر والصاغ ومركز فينيكس في جامعة الروح القدس ـ الكسليك بعملهم ومتابعتهم الدقيقة كل تفاصيل العمل.

وأشار إلى أن الكتاب يتضمن مذكرات ابراهيم الياس كرم التي دوّنها سنة 1926 وفيها يخبر عن عمله كمخبر للفرنسيين في مرحلة الحرب الكونيّة الأولى التي دفع اللبنانيون فيها أثمانًا غالية وسقط منهم شهداء لا يُحصون وهاجر كثيرون تاركين في العيون دموع وفي القلوب حسرات، حرب تقاسم فيها العثمانيون والحلفاء مسؤولية تجويع سكان الجبل ولكل منهم حجّته، ولو غير مقنعة. ويخبر كيف كان يدوّن التقارير وينقل الأموال من الخارج الى الداخل النازف، ويخبر عن معاونيه وعن أدوارهم الإستخباراتيّة ـ العسكريّة والإجتماعيّة ـ الإنسانيّة وعلاقتهم بشبكة المخابرات البريطانيّة في بيروت... وقسمها المحقق الى 3 فصول يشرح الكاتب في الأول حاله أيام البحبوحة التي انقلبت الى بؤس، وفي الثاني سنوات الخدمة التي تطلّبت تضحيات كبيرة وفيها الكثير من العنفوان اللبناني الذي قاده الى المخاطرة بنفسه وبرزقه لتخليص وطنه من عبء الإحتلال العثماني، وفي الأخير حال الخيبة التي أصابته بعد الحرب من إهمال الأم الحنون وفيها كثير من الشهامة اللبنانيّة إذ يقدّم كلّ القليل الذي عنده لدعم اقتصاد الدولة الفرنسيّة رغم تقصيرها.

ورأى أن عَمَلَ صاحب المذكرات مضنٍ وشاق إذ تعب وتحمّل المسؤوليات وكافح وتعرّض للخطر وكل ذلك محبّة للوطن ولفرنسا، عمل انتهى بفرحة التحرير وخيبة أمل من قلّة الوفاء ونسيان الأتعاب.